ويمكن ادعاء ذلك هنا بأن يجعل العرف مخصصا لادلة اشتراط المعيار عما إذا كان في الزيادة منفعة لاحد المتعاقدين ولهذا لم تحرم الزيادة القليلة التي لا تدخل تحت المعيار الشرعى فيجوز الاستقراض بالعدد ولا يكون ربا على هذا الوجه وكذا البيع والإجارة ونحوهما ويدل عليه انهم قالوا ينصرف مطلق الثمن إلى النقد الغالب في بلد البيع وإن اختلفت النقود فسد ان لم يبين لوجود الجهالة المفضية إلى المنازعة والمراد باختلاف النقود اختلاف ماليتها مع الاستواء في الرواج كالبندقي والقايتباى والسليمي والمغربي والغورى في القاهرة الآن كذا في البحر ومثله في زماننا الجهادي المحمودي والعدلى فانهما مستويان في الرواج مختلفان في القيمة وكذا الفندقى القديم والجديد فإذا اشترى وسمى الفندقى ولم يبين فسد البيع لافضائه إلى المنازعة فإذا كانت العلة المنازعة بسبب اختلاف النوعين في المالية دل على انه إذا لم تلزم المنازعة لا فساد فإذا اشترى بالعدلى ولم يبين ان المراد منه القديم أو الجديد لا يضر لتساويهما في المالية وإن اختلفا في الوزن وهكذا يقال في الإجارة وغيرها (ويدل) على ذلك انهم صرحوا بفساد البيع بشرط لا يقتضيه العقد وفيه نفع لاحد العاقدين واستدلوا على ذلك بنهيه - صلى الله تعالى عليه وسلم - عن بيع وشرط وبالقياس واستثنوا من ذلك ما جرى به العرف كبيع نعل على ان يحذوها البائع قال في منح الغفار فإن قلت إذا لم يفسد الشرط المتعارف العقد يلزم ان يكون العرف قاضيا على الحديث قلت ليس بقاض عليه بل على القياس لان الحديث معلول بوقوع النزاع المخرج للعقد عن المقصود به وهو قطع المنازعة والعرف ينفى النزاع فكان موافقا لمعنى الحديث ولم يبق من الموانع إلا القياس والعرف قاض عليه انتهى فهذا غاية ما وصل إليه فهمى في تقرير هذه المسألة والله تعالى اعلم (١)(ثم اعلم) ان هذا كله فيما إذا لم يغلب الغش على الذهب والفضة اما إذا غلب فلا كلام في جواز استقراضها عددا بدون وزن اتباعا للعرف بخلاف ما إذ باعها بالفضة الخالصة فإنه لا يجوز إلا وزنا قال في الذخيرة البرهانية في الفصل التاسع من كتاب المداينات قال محمد رحمه الله تعالى في الجامع إذا كانت الدراهم ثلثها فضة وثلثاها صفر فاستقرض رجل منها
(١) وهذا وإن كان فيه تكلف وخروج عن الظاهر ولكن دعى إليه الاحتراز عن تضليل الأمة وتفسيقها بأمر لا محيص عن الخروج عنه إلا بذلك قال الشاعر (إذا لم تكن إلا الاسنة مركبا* فما حيلة المضطر إلا ركوبها) على ان قواعد الشريعة تقتضيه فانها مبنية على التيسير لا على التشديد والتعسير وما خير ﷺ بين امرين إلا اختار ايسرهما على امته ومن القواعد الفقهيه إذا ضاق الأمر اتسع