للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كثير من المفسرين، ونسبه ابن عطية للجمهور.

الشرح الثاني: وهو جواز أن يجعل الشرح شرحًا بدنيًا، إذ لما كان الامتنان عظيمًا من الله تعالى على رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلا مانع أن يشمل الشرح المعنوي والمادي معًا ليكتمل له الفضل - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذي قرره الله سبحانه عليه، والشرح البدني ابتداء ليس فيه غرابة هذه الأيام حتى يقع تحت طائلة الإنكار، إذ أطباء البشر يقومون به، وإن كان ابتداء وانتهاء ليس ثم شيء خارج عن قدرة الله وقوته.

ونلخص هذا الشرح ونبدأ بالإمام الترمذي - لأن الإمام الترمذي هو من ذكر شق الصدر في تفسير الآية - حيث أخرج حديث شق الصدر في تفسير هذه السورة (١)، فتكون الآية إشارة إلى مرويات في شق صدره شقًا قدسيًا، وهو المروى مطولاً في السيرة والمسانيد (٢)، وفي الصحيحين أنه كان يقظة وهو ظاهر ما في البخاري (٣)، وفي صحيح مسلم (٤) أنه يقظة وبمرأى من غلمان أترابه، وقال أنس بن مالك - رضي الله عنه - راوى الحديث: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره، وفي بعض الروايات أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان بين النائم واليقظان (٥).

- والروايات مختلفة في زمان ومكان شق صدره الشريف - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مع اتفاقها أنه كان بمكة.

- وإن اختلاف الروايات حمل بعض أهل العلم على القول بأن شق صدره الشريف تكرر مرتين إلى أربع (٦).


(١) الترمذى، السنن، باب (ومن سورة ألم نشرح) وقال حديث حسن صحيح (٣٣٥٧).
(٢) أحمد، المسند (١٦٩٩٠ - ٢٠٢١١ - ١٣٥٥٥)، ابن كثير، السيرة النبوية (١/ ٢٢٩).
(٣) البخاري، الصحيح (٣٨٨٧)، باب المعراج.
(٤) مسلم، الصحيح (٢٣٦).
(٥) البخاري، الصحيح (٣٢٠٧)، باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم، الصحيح (٢٣٨)، باب الإسراء برسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
(٦) الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير (٣٠/ ٤٠٩).

<<  <   >  >>