إيضاح ما بلغه علمي من غريبة ومعانيه، وذكر نكت من النقد، وفقر من الأيام، وإيماء إلى بعض ما وقع من الكتاب في غير موضعه ليتوصل بها إلى تصور ما فيه باختصار من غير إكثار".
فظاهر من هذه المقدمة أن الرجل قد حدد منهجه أنه سوف يشرح الحماسة مركزًا على جوانب معينة في اختصار وإيجاز، وهو يبدو كذلك من خلال ما قرأناه له في الجزء الأول من شرحه، ولولا أن شرحه لم يصل إلينا كاملًا لكان أولى بتطبيق هذا المنهج من الشرح المنسوب خطأ لأبي العلاء المعري، إذ أن جميع مقومات هذا المنهج وصفاته تكاد تكون متوفرة فيه سوى إسهاب طفيف بدا منه في مواضع قليلة عند معالجته لبعض أجزاء من أبيات الحماسة مثل وقفته في تركيب لو وجوابها في صورها المختلفة، وذلك في أول بيت من أبيات الحماسة وهو:
لو كنت من مازن لم تستبح إبلي بنو اللقيطة من ذهل بن شيبانا
على أن هذا الإسهاب الطفيف في بعض النواحي لا يخرجه عن حد المنهج الذي رسمناه، فهو من خلال ما جاء في الجزء الأول وما نقله عنه كل من أمين الدين الطبرسي وأبي الرضا الراوندي في شرحيهما المخطوطين يبدو ملتزمًا بجميع مقومات المنهج وصفاته، إذ أن أكثر جهوده في الشرح مقصورة على توضيح الألفاظ وإيراد المعاني في سهولة ويسر وإيجاز واختصار، ومن أمثلة ذلك ما جاء عنه في بيت جعفر ابن علبة الوارد في باب الحماسة وهو:
هواي مع الركب اليمانين مصعد جنيب وجثماني بمكة موثق
فقد بدأ بتوضيح علة وجود البيت في باب الحماسة، مع ما ينطوي عليه من نسيب فقال: "هذا موضعه باب النسيب، وإنما وضع ها هنا، لأن فيه معنى الفخر بالنجدة، يريد أنه رابط الجأش لا يهوله ما مني به من الحبس، وما يرقبه من القتل". ثم انتقل فوضح الدافع النفسي إلى قول هذا الشعر فقال: "رأى صاحبته