بعد أن ذاقوا ألوان الظلم والعذاب من زعمائهم ورؤسائهم. ولكنه كان فى أول أمره اتصالا فى الشئون العامة الدنيوية، ولم يوجد اتصال علمى بالمعنى المفهوم إلا فى أواخر القرن الثانى للهجرة تقريبًا عند البدء فى نقل كتب الأوائل إلى اللغة العربية، وكان ذلك مقصورا على الفلسفة وفروعها والطب وما أشبه هذا, ولم تترجم إلى اللغة العربية الكتب الدينية ولا القصص (الروايات)، ولعله قد ترجم شئ من التوراة والأناجيل تراجم نادرة محصورة بين اليهود والنصارى الذين نشئوا فى الدولة العربية، ليسهل عليهم معرفة دينهم إذا عسر عليهم قراءتها باللغات التى كانت بها، وأما أن تكون هذه التراجم معروفة لعلماء المسلمين ودهمائهم، كما يريد الكاتب وأمثاله أن يرجفوا به: فذاك شئ غير ثابت ولا معروف فى التاريخ الإسلامى. ولذلك لم يجد كاتب هذا المقال سندًا يؤيد به وجود تراجم للإنجيل إلا الترجمة التى قال عنها إنها نقلت عن السريانية، ونقل عن "كلدميستر" أنه يرى أنها ترجمت بين سنتي (٧٥٠ و ٨٥٠) أى بين سنتي (١٣٢ و ٢٣٥ هجرية) ويظهر من هذا أنها غير ثابتة التاريخ, وأن هذا التاريخ الذى نسبت إليه ظن فقط، ونحن لم نر هذه النسخة المترجمة فلا نستطيع الجزم بشئ فى صحة هذا النقل وهذا التاريخ أو عدم صحتهما. وأما الترجمة التى يدعى ابن العبرى أنه "قام بها البطريق يوحنا بأمر الأمير عمرو بن سعد بين سنتى ٦٣١ و ٦٤٠ م" -أى ما يوافق السنة التى قبل الهجرة إلى السنة ١٨ هـ-: فهذا شئ لا سند له ولا قيمة، وأبو الفرج بن العبرى ليس حجة فى مثل هذا النقل، ولا يوثق بشئ ينقله عن عصر بينه وبينه أكثر من (٦٠٠ سنة) ولم يسنده إلى نقل يقارب العصر المنقول عنه، فإنه عاش بين سنتي ٦٢٣ و ٦٨٥ هـ، ثم هذا ابن العبرى رجل متعصب معروف بالتحامل على العرب وعلى المسلمين، وهو صاحب الحكاية الباطلة التى نقلها عن حرق عمرو بن العاص مكتبة الإسكندرية، حتى إن الدكتور (بتلر) صرح بأنه "ليس من دليل على أصل