للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فإنه لا يذكر إنجيل عيسى عليه السلام فى القرآن إلا باللفظ المفرد "إنجيل" فلو كان هذا القرآن من عند غير الله، وكان النبى [- صلى الله عليه وسلم -] عرف هذه الروايات: لجاء التعبير عنها فى القرآن ولو مرة واحدة بلفظ الجمع "أناجيل" وهى التى كانت ولا تزال معروفة عند النصارى، من صحيح فى زعمهم ومنحول. ثم انظر فى شأن هذا الرجل الأمى [- صلى الله عليه وسلم -] لو كان يعرف هذه العشرات من الكتب التى تسمى"أناجيل" وأراد أن يحقق أمرها، ويعرف الزيف منها من الصحيح، ويحكم فيها حكما قاطعًا صحيحًا، ويأتي بكتاب ثبت مهيمن عليها رقيب: فإلى أى أنواع من الثقافة والعلوم الدينية والتاريخية والأثرية يحتاج؟ ! .

وهل كانت هذه العلوم كلها موجودة فى كتب مؤلفة قبل بدء الإسلام، سواء باللغة العربية أم بغيرها من اللغات؟ ! وكم من السنين يستغرق تعلم ذلك ومعرفته فقط؟ !

وأين كان أعداؤه من المشركين وأهل الكتاب، إذا كان قد تعلم كل هذه العلوم، ودرسها الدراسة الكاملة التى تمكنه من الحكم بتحريف كتبهم ونسيانهم {حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}؟ !

نعم إن بعض المشركين زعم أنه تعلم بعض الشيء من غيره، وقد حكى الله ذلك فى القرآن عنهم، ثم ردّ عليهم قولهم بأقوى رد، فخرست ألسنتهم وألسنة غيرهم، فلم يدع ذلك أحد منهم ولا من أهل الكتاب بعد ذلك، مع كفرهم به وعداوتهم له، وتربصهم به وبالمسلمين أن يجدوا حجة تنصرهم عليهم، إذ علموا أنهم لو عادوا إلى هذه الدعوى لكانت حجتهم داحضة، ودعواهم كاذبة، فإنه نشأ بينهم وعرفوا تاريخ حياته وأحواله تفصيلا وإجمالا, ولم يجدوا من يصدقهم من أهل عصرهم المشاهدين الحاضرين فى أنه تعلم كل هذه العلوم والشرائع من بعض القارئين والكاتبين فى مكة.

وقد اتصل المسلمون بالنصارى واليهود بعد الفتح العربى للبلاد اتصالا وثيقًا، وقامت فى بعض الأوقات حرب الجدال الدينى بين الفريقين واحتدمت، ومع ذلك فإنه لم يزعم أحد -فيما نعلم- من أعداء المسلمين أن القرآن