يصف الشاعر هذا كله، فانه يكون يفكر فى كيف أن الهديل يثير فيه أفكارًا عميقة. . وفى بعض قصائد النسيب القليلة الأخرى يطلب الشاعر وهو الكفيف أن يتبع مرافقوه فى السفر وميض برق بعيد من أرض معشوقته، ولكنه عندما ينام يراود. طيفها الخادع فيزوره، أما قصائد الرحيل فهى أكثر إحكامًا إذ يصف الجمال قد أعياها السفر الطويل فهزلت، ويشير الشاعر من بين حيوانات الصحراء إلى الظبى والقطاة والنعامة والحرباء. . ثم إن تفضيله وصف الليل واضح جدًا حتى أن بعض الشراح يحاولون أن يربطوا بين هذا الاهتمام بوصف الليل وبين فقدان بصره. وأما شعر الغزل فلم يكن مولعًا بنظمه، فإن نظمه تكلّف (انظر طه حسين تجديد ذكرى أبى العلاء، ص ٤٩ وما بعدها) وفيما يتعلق بالمديح وهو الجزء الأخير من القصيدة، فإنه غالبًا ما يغالى فى إطراء الممدوح، حتى لقد اعتذر عن ذلك فى مقدمة ديوانه لأن كل الأوصاف المغالى فيها والتى تتعلق لأول وهلة بكائن بشرى، فى الوقت الذى تتطابق فيه مع صفات اللَّه جل جلاله، فيجب أن تنسب إلى اللَّه وحده -وقد جمع فى سقط الزند بعض النماذج التى يمكن أن تكون شكلا آخر من أشكال القصيدة وهى المرثيات وفى أبيات مليئة بالحكم والأقوال الجامعة المانعة نلحظ جذور تلك اللهجة المتشائمة التى نراها كثيرًا بعد ذلك فى اللزوميات. ويتميز الشعر فى سقط الزند بكثرة المحسنات اللفظية، كما يمكن أن نتبين الكثير من ألوان البديع من مجاز وتشبيه واستعارة إلى جانب بعض صور الجناس، كما نلحظ أسلوب "التورية" الذى يمثل براعة الشاعر الفنية الفائقة وهناك إحدى وثلاثون قصيدة فى سقط الزند جمعت تحت عنوان "الدرعيات". وهى تتميز بوصف واحد أو أكثر من الدروع المصنوعة من الزرد. . وهنا يتخلى عن الموضوعات المألوفة فى القصيدة من رحيل ومديح ويبقى النسيب موضوعًا ثانويًا فى قليل من الحالات. .
٢ - لزوم ما لا يلزم وهو مجموعة أخرى من الأشعار نظمها أبو العلاء فى الفترة التى أعقبت إقامته فى بغداد. ولم تلق هذه المجموعة من الشهرة فى العالم