ويذكر لنا نفس هذه المعلومات مع زيادة فى البيان والتفصيل كتاب الفهرست الذى ألف حوالى سنة ٩٨٧ م (طبعة فلوكَل، جـ ١، ص ٣٠٤ وما بعدها). وقد تكلم صاحب هذا الكتاب عن أول من صنّف الخرافات وجعل لها كتباً، وصلة ذلك بالأسمار التى كانوا يتسامرون بها إذا جن الليل، وبيّن أنواعها. ثم أيّد كتاب الفهرست أن ألف ليلة أصله فارسى "ويحتوى على ألف ليلة وعلى دون المائتى سمر". ويقرر أن الكتاب نقل إلى العربية وأنهم صنفوا فى معناه ما يشبهه، ولكن صاحب الفهرست لم يذكر لنا الحكايات التى اشتمل عليها الكتاب وإن كان ما ذكره عن نواته يدل على أن الكتاب هو كتاب ألف ليلة الذى عرفناه.
وفوق هذا لدينا شاهد على أن حكايات الليالى التى وصلت إلينا -من مخطوط كلّان إلى النص المصرى- من أصل عربى لاشك فيه وليست من أصل فارسى. ذلك أننا نجد الحكاية الأولى -أى حكاية التاجر مع الجنى، للك الحكاية التى تروى أن ثلاثة قابلوا التاجر مصادفة فأنقذوا حياته من يدى الجنى بما حكوه له من حكايات- نجد هذه الحكاية يرويها المفضل بن سلمة المتوفى عام ٢٥٠ هـ (٨٦٥ م) فى الكتاب الذى صنفه فى الأمثال وسماه "الفاخر" (طبعه storey , ص ١٣٧ - ١٤٠). وهذه الحكاية عربية الطراز، تمت إلى الصحراء بنسب واضح، وتباين مباينة تامة الحكاية التى تسبقها مباشرة والتى هى من أصل فارسى ظاهر. ويظهر أن هذه الحكاية العربية حلت محل أخرى فارسية.
والإشارة التاريخية الثانية إلى كتاب ألف ليلة تقول بوجود الكتاب فى مصر فى عهد الخلفاء الفاطميين. فقد ذكر ذلك مؤلف اسمه القرطى (انظر بروكلمان - Geschichte der arabishen Lit، teratur جـ ٢، ص ٦٩٨ وما بعدها) ألف كتابا فى تاريخ مصر على عهد الخليفة العادل الفاطمي (٥٥٥ - ٥٦٧ هـ = ١١٦٠ - ١١٧١).
غير أن القُرطى لم يبين لنا أيضاً الحكايات التى كان يشتمل عليها كتاب ألف ليلة فى ذلك العهد، ولكنه قال فقط: إن الكتاب كان يسمى ألف ليلة وليلة، وكان ذائعاً معروفاً.