ألا ترى أن قوله:"لا نكاح إلا بولي": لم يخص به المرأة دون الرجل، والرجل إذا عقد لنفسه عقد نكاح، كان نكاحه نكاحًا بولي؛ لأنه يلي على نفسه، ويتصرف عليها، وكذلك المرأة.
ألا ترى أن ما احتيج فيه إلى الولي، لا يختلف فيه حكم الرجل والمرأة؛ لأن العبد، والمجنون، والصبي، لا يصح عقدهم إذا لم يكن عقدهم بولي.
وقد يصح أن يجعل هذا الخبر أصلاً لصحة قولنا، وذلك لأنه قد أجاز النكاح بولي، والمرأة ولي؛ لأنها تلي أمر نفسها، فظاهر الخبر يقتضي جواز عقدها على نفسها.
* وأما حديث أبي هريرة عن النبي عليه الصلاة والسلام:"لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها": فليس ذلك على وجه التحريم، وإفساد العقد، وإنما وجهه: أن عقد النكاح لما كان شرطه الشهود، وحضور الرجال، كره عليه الصلاة والسلام للمرأة أن تحضر ذلك، ولاسيما وقد كان النبي عليه الصلاة والسلام يأمر بإعلان النكاح، وجرت العادة بعقده في المحافل العظام، بمشهد من الجماعات، وحكم النساء أن يكن مصونات عن حضورها، فلذلك استحب عليه الصلاة والسلام للمرأة أن لا تحضر عقد النكاح.
وأيضًا: قد روى الفضل بن موسى هذا الحديث عن هشام بن حسان بإسناده، وقال فيه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا نكاح إلا