قيل له: ليس حال تحمل الشهادة معتبرة بالأداء، والدليل على صحة ذلك: أنه قد يصح أن يتحمل الرجل شهادة في حال الكفر والرق، فيؤديها في حال الإسلام، والبلوغ، والحرية، وتكون شهادته مقبولة، فدل على أن التحمل غير معتبر بالأداء.
ويدل على ذلك أيضًا: أنه لو تزوج امرأة بشهادة ابنيه منها: جاز العقد، ولم يقدح فيه امتناع إثبات هذا الحق بشهادتهما.
فإن قيل: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لا نكاح إلا بولي، وشاهدي عدل".
يروى ذلك في حديث عائشة، وعن عمران بن حصين، وجابر، وأنس كلهم عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قيل له: طريق هذه الأحاديث ضعيفة واهية جدًا، ولولا كراهة التطويل لبيناها.
وعلى أنها لو ثبتت، لما جاز الاعتراض بها على ما قدمنا، ولا أوجب منع النكاح وفساده إذا لم يكن الشهود عدولاً، وذلك لأن سائر الأخبار الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، توجب جواز النكاح بحضور الفاسقين؛ لأن قوله:"لا نكاح إلا بولي وشاهدين"، وقوله:"لا نكاح إلا بولي وشهود"، يقتضي جواز النكاح بحضور الفاسقين.