قيل له: ليس كذلك، لأن ترك الوضوء منه ليس بشريعة يلزم النبي صلى الله عليه وسلم توقيفهم عليها، وإنما هو شيء مباح يجوز فعله وتركه، وإيجاب الوضوء شريعة لا يسع تركها، ولا يجوز أن يقرهم النبي صلى الله عليه وسلم عليها، مع علمه بتركهم إياها.
وأيضا: لما اتفقنا جميعا على أن مس شعرها لا يوجب الوضوء، كان كذلك مس جميع أعضائها، لأنه مما يلحقه حكم التطهير.
وأيضا: لو كان مسها حدثا، لما اختلف الرجل والمرأة فيه، فلما اتفقنا على أن مس المرأة لا يوجب نقض طهارتها، كان كذلك حكم الرجل في مسها، لأن ما كان حدثا: لا يختلف في حكمه الرجال والنساء، كالبول والغائط وسائر الأحداث.
فصل:[عدم نقض الوضوء بمس الذكر]
وأما الوضوء من مس الذكر، فإن الأصل فيه عندنا أن ما كان بالناس إليه حاجة عامة، فسبيله أن يرد النقل بحكمه مستفيضا متواترا؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا محالة يوقفهم عليه، وهم مأمورون بالنقل والإبلاغ، فلا جائز فيما كان هذا سبيله أن يرد نقله من طريق الآحاد.
وهذه حال إيجاب الوضوء من مس الذكر، لعموم البلوى به، فلو كان من النبي صلى الله عليه وسلم حكم في إيجابه لنقله الكافة، كما نقلوا