ومعلوم أن ذلك لم يكن تقويمًا منهم لسائر المجان؛ لأنهما تختلف كاختلاف الثياب وسائر العروض، فيكون فيها الجيد والوسط والدون، ولا محالة أن ذلك كان تقويمًا منهم للمجن الذي قطع فيه النبي صلى الله عليه وسلم.
ومعلوم أيضًا: أنهم لم يحتاجوا إلى تقويمه من حيث قطع فيه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ليس في قطع النبي صلى الله عليه وسلم في شيء بعينه دلالة على أن القطع غير واجب فيما دونه، كما أن قطعه عليه الصلاة والسلام السارق في ثمن المجن غير دال على أن غير المجن لا قطع فيه.
فإذًا لا مجالة قد كان من النبي صلى الله عليه وسلم توقيف لهم حين قطع السارق، أن القطع لا يجب فيما دونه، فدل ذلك على إجمال حكم الآية، كدلالة الأخبار التي قدمناها عن النبي صلى الله عليه وسلم لفظًا في نفي القطع عما دون قيمة المجن، فسقط الاحتجاج بعمومها في إثبات المقدار، ووجب معرفة قيمة المجن الذي قطع فيه النبي صلى الله عليه سلم من غيرها.
فهذه الجملة التي ذكرنا تدلنا على أن حكم الآية الكريمة مجمل، ويدلنا أيضًا على أن القطع غير واجب فيما دون العشرة، من قبل أن المقومين إذا اختلفوا في قيمة شيء، فتقويم الزائد أولى، كما أن رجلاً لو استهلك لرجل ثوبًا، فقومه عدلان بتسعة، وآخران بعشرة: أن الذي ثبت