وذلك لأن اليوم قد يكون عبارة عن وقت مطلق، ويكون عبارة عن بياض النهار، فإذا عُلق ب معنى لا يمتد في الوقت، فقد دل على أن مراده الوقت المطلق، وأنه لم يرد به بياض النهار، فلما لم تكن الحرية مما يمتد في الوقت، صار قوله: يوم أكلمك: بمنزلة قوله: حين أكلمك، و: وقت أكلمك.
ويدل على ما قلنا: قول الله تعالى: {ومن يولهم يومئذ دبره}، ومراده: الوقت؛ لأنه قد عُقِل منه الليل والنهار جميعًا.
مسألة:[قال: ليلة أكلمك فعبدي حر]
قال:(ولو قال: ليلة أكلمك فعبدي حر، فكلمه نهارًا: لم يحنث).
وذلك لأن الليل عبارة عن سواد الليل، هذا هو الأغلب والأشهر من معناه، وإن كان قد يطلق ويراد به الوقت، كما قال الشاعر:
وكنا حسبنا كل سوداء تمرة .... ليالي لاقينا جذام وحميرا
وكما قال الآخر: ليالي تُصطاد الرجال بفاحم.
وإنما أراد به الوقت، ولكن ذلك ليس يكاد يطلق إلا في الجمع؛ لأنه لا يقال: ليلة لاقينا جذام وحميرا: إلا والمراد به سواد الليل.
وإنما جاز إطلاق ذلك في الليالي؛ لأن جمع الليالي يتناول الأيام أيضًا، فلما تناول الوقتين جميعًا، صار كالوقت المطلق.