للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُولُ لَا يَكُونُ لَهُ دَيْنٌ عَلَى أَبِيهِ وَمَا اسْتَهْلَكَ أَبُوهُ مِنْ شَيْءٍ لِابْنِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِيهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اسْتَهْلَكَ الرَّجُلُ لِابْنِهِ مَالًا مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ مِنْ الْأَبِ رَجَعَ عَلَيْهِ الِابْنُ كَمَا يَرْجِعُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ، وَلَوْ أَعْتَقَ لَهُ عَبْدًا لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ، وَالْعِتْقُ غَيْرُ اسْتِهْلَاكٍ فَلَا يَجُوزُ بِحَالٍ عِتْقُ غَيْرِ الْمَالِكِ

، وَإِذَا اشْتَرَى رَجُلٌ جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَزَادَ مَعَهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا، وَقَدْ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ عِنْدَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ يَرُدُّ الْعَبْدَ وَيَأْخُذُ مِنْهُ مِائَةَ دِرْهَمٍ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ صَحِيحَةٌ فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ هِيَ الَّتِي وَجَدَ بِهَا الْعَيْبَ، وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ رَدَّ الْجَارِيَةَ وَقَسَمَ قِيمَةَ الْعَبْدِ عَلَى الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ وَعَلَى قِيمَةِ الْجَارِيَةِ فَيَكُونُ لَهُ مَا أَصَابَ الْمِائَةُ الدِّرْهَمُ وَيَرُدُّ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ مِنْ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ فِي هَذَا إنْ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا رَدَّهُ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ صَحِيحًا، وَكَذَلِكَ الدَّرَاهِمُ الَّتِي هِيَ فِي يَدَيْهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ جَارِيَةً بِعَبْدٍ وَزَادَ مَعَ الْجَارِيَةِ مِائَةَ دِرْهَمٍ فَتَقَابَضَا، ثُمَّ مَاتَتْ الْجَارِيَةُ فَوَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّ الْعَبْدِ وَقَبْضُ الْمِائَةِ الدِّرْهَمِ الَّتِي دَفَعَ وَقِيمَةُ الْجَارِيَةِ الَّتِي دَفَعَ وَإِنَّمَا جَعَلْنَا قِيمَتَهَا عَلَى الْقَابِضِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ قَائِمَةً رَدَدْنَاهَا بِعَيْنِهَا لِأَنَّهَا ثَمَنُ الْعَبْدِ هِيَ، وَالْمِائَةُ الدِّرْهَمُ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْعَبْدُ وَوَجَدَ بِالْجَارِيَةِ الْعَيْبَ رَدَّهَا، وَالْمِائَةَ الدِّرْهَمَ وَأَخَذَ قِيمَتَهُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَائِمًا لَأَخَذَهُ فَإِذَا فَاتَ فَقِيمَتُهُ تَقُومُ مَقَامَهُ وَكُلُّ مَنْ ابْتَاعَ بَيْعًا فَأَصَابَ عَيْبًا رَدَّهُ وَرَجَعَ بِمَا أَعْطَى فِي ثَمَنِهِ.

وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَوْبَيْنِ مِنْ رَجُلٍ وَقَبَضَهُمَا فَهَلَكَ وَاحِدٌ وَوَجَدَ بِالثَّوْبِ الْآخَرِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّهُ فَاخْتَلَفَا فِي قِيمَةِ الْهَالِكِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مَعَ يَمِينِهِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ الْقَوْلُ قَوْلُ الْمُشْتَرِي

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اشْتَرَى الرَّجُلُ ثَوْبَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا فِي يَدِهِ وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَاخْتَلَفَا فِي ثَمَنِ الثَّوْبِ فَقَالَ الْبَائِعُ قِيمَتُهُ عَشَرَةٌ وَقَالَ الْمُشْتَرِي قِيمَتُهُ خَمْسَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْبَائِعِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الثَّمَنَ كُلَّهُ قَدْ لَزِمَ الْمُشْتَرِي، وَالْمُشْتَرِي إنْ أَرَادَ رَدَّ الثَّوْبِ رَدَّهُ بِأَكْثَرِ الثَّمَنِ، أَوْ أَرَادَ الرُّجُوعَ بِالْعَيْبِ رَجَعَ بِهِ بِأَكْثَرِ الثَّمَنِ فَلَا نُعْطِيهِ بِقَوْلِ الزِّيَادَةِ (قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ لِلشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ الْمَأْخُوذُ مِنْهُ الثَّمَنُ وَهُوَ أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا اشْتَرَى ثَوْبَيْنِ، أَوْ شَيْئَيْنِ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ فَهَلَكَ أَحَدُهُمَا وَوَجَدَ بِالْآخَرِ عَيْبًا فَلَيْسَ إلَى الرَّدِّ سَبِيلٌ وَيَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَاهُمَا صَفْقَةً وَاحِدَةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْقُضَهَا.

بَابُ الْمُضَارَبَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَعْطَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ ثَوْبًا يَبِيعُهُ عَلَى أَنَّ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ رِبْحٍ فَبَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، أَوْ أَعْطَاهُ دَارًا يَبْنِيهَا وَيُؤَاجِرُهَا عَلَى أَنَّ أُجْرَتَهَا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَاسِدٌ وَلِلَّذِي بَاعَ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الثَّوْبِ وَلِبَانِي الدَّارِ أَجْرُ مِثْلِهِ عَلَى رَبِّ الدَّارِ وَبِهِ يَأْخُذُ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ هُوَ جَائِزٌ، وَالْأَجْرُ وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَجْعَلُ هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْأَرْضِ لِلْمُزَارَعَةِ وَالنَّخْلِ لِلْمُعَامَلَةِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا دَفَعَ الرَّجُلُ إلَى الرَّجُلِ ثَوْبًا، أَوْ سِلْعَةً يَبِيعُهَا بِكَذَا فَمَا زَادَ فَهُوَ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ، أَوْ بُقْعَةً يَبْنِيهَا عَلَى أَنْ يُكْرِيَهَا، وَالْكِرَاءُ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>