وأما الثاني: فكما إذا قال القائل: ضربت القاضي، فيقال: أضربت القاضي؟ فيقول:"نعم"، وتخلف المدلول وإن كان عن الدليل الظاهري خلاف الأصل، ثم السبب في حسن هذا الاستفهام من المتكلم الذي لا يجوز عليه السهو والمجازفة، تقوية الظن بما دل عليه اللفظ ظاهرا من العموم، وإبعاد التخصيص إن كان اللفظ عاما.
وإن كان خاصا ففائدته التأكيد وفائدة التأكيد تقوية الظن وإبعاد التجوز وتوثيق السمع، احترازاً عن الاشتباه/ (٢١٤/أ) بكلمة أخرى هذا إذا كان مدلول اللفظ متحدا.
أما إذا كان متعدد بحسب الحقيقة والمجاز، ففائدة هذا مع فائدة نفي إرادة المجاز منه، وإن كان المتكلم ممن يجوز عليه السهو والمجازفة فيحسن الاستفهام لما سبق.
ولوجوه أخرى: نحو استبانة تحفظ المتكلم وتيقظه، فإن السامع ربما ظن أن المتكلم غير متحفظ في كلامه، أو هو ساه فيه فيستفهمه لاستبانة تحفظه وتيقظه.
ونحو دفع المجازفة، عن الكلام، فإن السامع ربما ظن لأمارة أن المتكلم مجازف في الكلام، فيستفهم منع عن مدلول كلامه لشدة اهتمامه به، فربما بين تجرد المتكلم عن المجازفة في كلامه لشدة اهتمام السامع به.
ونحو دفع المعارض، فإن السامع ربما ظن قرينة تقتضي تخصيص عام، أو تقييد مطلق، أو حذف مضاف وإقامة المضاف إليه مقامه، فيستفهمه لدفع