وعن الثالث: قلنا: أما الدليل على أنه ليس بحقيقة فيما بقى، وإن كان مع القرينة المتصلة، فيما سبق في الاستدلال من أنه يختلف ما هو المعنى من المجاز بسبب اختلاف دليل المبين له.
وأما قوله: في الدلالة عليه أنه يصير مع القرائن المتصلة كلاما واحدا إلى آخره فمسلم: لكن بحيث يتغير بسبب تلك القرينة المتصلة مدلول العام من الكلية إلى البعضية أو لا بهذه الحيثية.
والأول مسلم: وهو اعتراف بالمجازية.
والثاني: ممنوع، وهذا لأن من الظاهر أن قبل تلك "الزيادة" التي هي القرينة المتصلة كان العام وما معه كلاما تاما دالا على جميع أفراده وبعدها/ (٢٣٥/أ) وإن كان أيضا كلاما تاما غير الأول لكنه دال على بعض افرداه معين لمدلوله من الكلية إلى البعضية بخلاف قولك: "مسلم" و"مسلمون" و"رجل" و"الرجل" وبخلاف قولك: "الرجال قاموا" لا يتغير في هذين المثالين مدلول الأول بسبب الزيادة من الكلية إلى الجزئية فلا جرم ليسا من المجاز من شيء.
وأما قوله: فهذا الاحتمال يظهر جدا في الاستثناء إلى آخره فهو أيضا: باطل لأنا نقطع أن دلالة قوله تعالى: {فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما} على تسع مائة وخمسين بطريق إخراج الخمسين من الألف، فعلى هذا تعين أن يقال: الألف تدل على الألف، والخمسون على الخمسين، وإلا على معنى الإخراج إذ ليس فيه ما يمكن إحالة معنى النفي إليه إلا إليها ومعرفة الباقي إنما هو بالحساب لا بصراحة اللفظ.