أما إذا كان بغير حرف العطف لما يتأت هذا الجواب، لأن ذكر الحكم في مفهوم المخالفة بصريح النطق بعد تمام الحكم لو كان قادحا في تخصيص الحكم بالصفة لم يتصور التعارض بين المفهوم والمنطوق، لأنه ما من صورة من صور/ (٣٢٧/أ) المفهوم إذا ورد فيه صريح النطق بإثبات الحكم فيه إلا وأمكن أن يقال: إنه انتفاء شرط دلالة المفهوم وهو تخصيص الحكم بالصفة، لكنه خلاف تصريحهم، فإنهم صرحوا أنه إذا وقع التعارض بين المفهوم والمنطوق كان المنطوق أولى، ومن المعلوم أنه لا يمكن جعل عدم المعارض شرط دلالة الدليل وإلا لم يتصور التعارض بين الدليلين، بخلاف ما إذا كان بحرف العطف، فإن ذلك قبل تمام الكلام إذا الكلام يتم بآخره فأمكن أن يقال: إنه لم يوجد التخصيص.
بل جوابه: أن يقال: أن دلالة المفهوم على النفي ظنية، فإذا ورد صريح النطق دالًا على الإثبات عقيبه علم أنه غير مراد من الخطاب وصار ذلك قرينة دالة على عدم إرادة المفهوم من الخطاب، بخلاف صريح النفي والإثبات، فإن دلالة كل واحد منهما بعد ثبوت المتن قطعية، فإذا ورد النفي عقيب الإثبات كان ذلك تناقضًا وتهافتًا، إذا القطعي غير قابل للتأويل فلذلك لم يصح، بخلاف الظني، فإنه قابل للتأويل فيصح أن يعارضه ظني أو قطعي.
وسادسها: أن تخصيص الحكم بالصفة لو دل على نفي الحكم عما عدا الموصوف بالصفة، لدل عليه: إما من جهة صريح الخطاب.
وهو باطل بالإجماع لما سبق.
وأما من جهة أن يخصص الحكم بالصفة لابد له من فائدة، ولا فائدة سوى نفي الحكم عند عدم الصفة.