ندعي إرادته باعتبار عام، ولا نسلم أن ترتيب ذلك العام لا يحسن عليه، ألا ترى أنه لو قال:"يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا في كل الأمور في هذا وغيره" كان حسنًا، كما إذا سئل عن مسألة فأجاب بما يتناول تلك المسألة وغيرها كان حسنًا.
قوله: الأمر بالاعتبار ليس أمرًا بجميع الجزيئات الداخلة تحته ولا بواحد معين منها.
قلنا: إنه وإن لم يفد تعميم الزمر بجميع الجزيئات الداخلة تحته بحسب اللفظ لكنه يفيده بحسب المعنى؛ لأن ترتيب الحكم علي المسمى يشعر بعلية ذلك المسمى لذلك الحكم، وذلك يقتضي أن علة الأمر بالاعتبار هو كونه اعتبارًا فيلزم أن يكون كل اعتبار مأمورًا به.
لا يقال: أن هذا إثبات القياس بالقياس، أو نقول بعبارة أخرى: أن هذا نوع من أنواع القياس فثبوته يتوقف على ثبوت أصل القياس، وإثبات أصل القياس به دور؛ لأنا نقول: إنه قال بحجية هذا النوع من القياس لكون العلة فيه معلومة بالإيماء من لم يقل بحجية أصل القياس فيصح إثباته به بالنسبة إليه، فأما بالنسبة إلى من أنكر ذلك بالكلية فلا، لأنه يمنع ذلك.
وقد أجيب عنه بوجه آخر وهو: أنه يحسن أن يقال: "اعتبروا إلا الاعتبار الفلاني، وقد ثبت في باب العموم أن الاستثناء (يخرج) من الكلام ما لولاه لدخل فيه وهو ضعيف؛ أما أولًا: فلأنه ينتقض بالأمر بكل ماهية كلية فإنه يتأتى فيه هذا النوع من الاستثناء نحو أن يقول: صل إلا الصلاة الفلانية، وبع إلا البيع بالغبن الفاحش، واشتر إلا الشراء الفلاني مع أن الأمر بالماهية الكلية لا يكون أمرًا بجميع الجزيئات الداخلة تحتها.