فإن قلت: هل حكم سائر الصلوات حكم العصر أم لا؟ قلت: الظاهر أن هذا مخصوص بالعصر؛ لأنها الصلاة الوسطى، وإن شاركتها سائر الصلوات في مطلق الوعيد.
فإن قلت: من لم يجعلها الوسطى فما الوجه عنده؟ قلت: يقول: إن وقت العصر آخر النهار، وازدحام الشغل، فكان مظنة الغفلة، بالغَ في الوعيد إيقاظًا لهم. وسيأتي الكلام على هذا مستوفى في شرح قوله:"من حلف على يمين بعد العصر" إن شاء الله تعالى.
باب من ترك العصر
أي: حكم من ترك العصر.
٥٥٣ - (مسلم بن ابراهيم) ضدّ الكافر (يحيى بن أبي كثير) ضد القليل (عن أبي قلابة) -بكسر القاف- عبد الله بن زيد الجرمي (عن أبي المليح) -بفتح الميم وكسر اللام- عامر بن أسامة الهذلي، وقيل: اسمه زياد، وقيل: زيد (بكروا بصلاة العصر؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله).
فإن قلت: حبوط العمل بالمعاصي ليس مذهبَ أهل الحق؟ قلت: هذا كلام وارد على طريقة التهديد، كما في قوله:"من ترك الصلاة فقد كفر". وقيل: المراد حبوط ذلك العمل الذي تركه، وليس بشيء؛ لأنّ المتبادر من العمل هو الموجود؛ الذي يكون ترك الصلاة مبطلًا له. وقيل: إذا كان مستحلًا. وهذا أيضًا ليس بغرض الشارع، لأن غرضه الحث والإقبال عليه ممن يعتقد وجوبه. وقيل: العمل الذي يشغل عن الصلاة، بمعنى عدم البركة