تقل: حَيّ على الصلاة؛ وقل: صلّوا في رحالكم) تقدم هذا الحديث في باب الأذان، وأن ابن عمر كان يفعله في آخر الأذان، وأشرنا هناك إلى أن ما فعله ابن عباس أولى؛ إذ لا وجه لقوله: حي على الصلاة، ثم الأمر بالصلاة في الرّحال.
(إن الجمعة عزمة) أي: واجبة (وإني كرهت أن أُحرجكم) -بضم الهمزة والحاء المهملة- أي: أوقعكم في الحرج، ويروى -بالخاء- من الإخراج، ويؤيد الأول ما في الرّواية الأخرى: أؤثمكم (فتمشون في الطين والدّحض) -بفتح الدال والحاء وقد تسكن الحاء-: وهو الزلق.
وفي الحديث دليل على أنّ المطر والطين من أعذار ترك الجماعة؛ وبه قال الشافعي والإمام أحمد.
وقول مالك: إن قول ابن عباس لمؤذنه أن يقول: صلوا في بيوتكم، يريد صلاة العصر؛ يردّه كون الأذان للجمعة.
فإن قلت: كيف خاطبهم وكانوا قد حضروا؛ فيلزم منه أن يرجعوا إلى بيوتهم؛ ولا يقول به أحد؟ قلت: لا يلزم أن يكون خاطبهم وهم في المسجد؛ بل أعلم مؤذنه أن يقول ذلك إذا أذن، ولا حاجة إلى أن يقال: جمعهم ليعلمهم، ولا أن الخطاب للحاضرين، والمراد من لم يحضر، وتعليله بكراهة الخروج عليهم في المشي في الدحض، صريحٌ في ذلك.
باب من أين تؤتى الجمعة؟ وعلى من تجب؟
استدل على وجوب الجمعة بقوله تعالى:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ}[الجمعة: ٩] وغرضه أن الوجوب إنما هو على من سمع النداء؛ وهو مذهب الشافعي