تعديل الصفوف غير واجب وأنه سنة مستحبة وإليه ذهب الجمهور إذ تمام الشيء أمر زائد على وجود حقيقته، ويرد عليه رواية من روى:"فإن تسوية الصف من إقامة الصلاة" كذا هو عند البخاري وغيره.
وإلى فرضيته ذهب أبو محمد الظاهري محتجًا بهذا اللفظ، قال: وإذا كان من إقامة الصلاة فهو فرض، لأن إقامة الصلاة فرض، وما كان من الفرض فهو فرض.
والجواب: أن الحديث ثبت بلفظ: الإقامة، وثبت بلفظ التمام، ولا يتم له الاستدلال إلا بِرَدّ لفظ التمام إلى لفظ الإقامة، وليس ذلك بأولى من العكس.
وأما قوله: وإقامة الصلاة فرض، فإقامة الصلاة مطلق، ويراد به فعل الصلاة، ويراد به الإقامة للصلاة التي تلي التأذين لها، وليست إرادة الأول -كما زعم- بأولى من إرادة الثاني، إذ الأمر بتسوية الصفوف بعقب الإقامة، وهذين فعل الإمام، أو من يوظفه الإمام، وهو مقيم الصلاة غالبًا.
وأما قوله: وما كان من الفرض فهو فرض، المعلوم أن .... الفرض .... ، وأن الصلاة فرض، وأن .... فرض، وهو قد استعمل كل منهما على ما هو فرض، وما ليس فرضًا.
ثم لو سلم ما أراده في لفظ:(من إقامة الصلاة) لأورد عليه لفظ: (من تمام الصلاة)، وهو صحيح أيضًا؛ كيف له أن يجيب بأن تمام الشيء قد ينطلق بحسب الوضع على ما لا تتم الحقيقة إلا به.
وما ذهب إليه الجمهور أولى، ويحمل لفظ الإقامة فيه على الإقامة التي تلي التأذين أو يقدر له محذوف، تقديره: من تمام إقامة الصلاة وينتظم به إجمال الألفاظ الواردة في ذلك كلها، وذلك أولى من إكمال بعضها وإلغاء بعض.