للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٤٨ - الْحَدِيثُ التَّاسِعُ: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ، إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

وَثَانِيهِمَا: أَنَّ الْحَائِضَ يَسْقُطُ عَنْهَا طَوَافُ الْوَدَاعِ. لَا تَقْعُدُ لِأَجْلِهِ. لِقَوْلِهِ " فَانْفِرِي ".

وَثَالِثُهَا: قَوْلُهُ " عَقْرَى " مَفْتُوحُ الْعَيْنِ، سَاكِنُ الْقَافِ، وَ " حَلْقَى " مَفْتُوحُ الْحَاءِ، سَاكِنُ اللَّامِ. وَالْكَلَامُ فِي هَاتَيْنِ اللَّفْظَتَيْنِ مِنْ وُجُوهٍ: مِنْهَا: ضَبْطُهُمَا. فَالْمَشْهُورُ عَنْ الْمُحَدِّثِينَ - حَتَّى لَا يَكَادَ يُعْرَفُ غَيْرُهُ - أَنَّ آخِرَ اللَّفْظَتَيْنِ أَلِفُ التَّأْنِيثِ الْمَقْصُورَةِ مِنْ غَيْرِ تَنْوِينٍ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ " عَقْرًا حَلْقًا " بِالتَّنْوِينِ؛ لِأَنَّهُ يُشْعِرُ أَنَّ الْمَوْضِعَ مَوْضِعُ دُعَاءٍ. فَأَجْرَاهُ مَجْرَى كَلَامِ الْعَرَبِ فِي الدُّعَاءِ بِأَلْفَاظِ الْمَصَادِرِ. فَإِنَّهَا مُنَوَّنَةٌ. كَقَوْلِهِمْ سَقْيًا وَرَعْيًا، وَجَدْعًا، وَكَيًّا " وَرَأْيٌ أَنَّ " عَقْرَى " بِأَلِفِ التَّأْنِيثِ نَعْتٌ لَا دُعَاءٌ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُحَدِّثُونَ صَحِيحٌ أَيْضًا.

وَمِنْهَا: مَا تَقْتَضِيهِ هَاتَانِ اللَّفْظَتَانِ. فَقِيلَ " عَقْرَى " بِمَعْنَى: عَقَرَهَا اللَّهُ. وَقِيلَ: عَقَرَ قَوْمَهَا. وَقِيلَ: جَعَلَهَا عَاقِرًا، لَا تَلِدُ. وَأَمَّا " حَلْقَى " فَإِمَّا بِمَعْنَى حَلَقَ شَعْرَهَا، أَوْ بِمَعْنَى أَصَابَهَا وَجَعٌ فِي حَلْقِهَا، أَوْ بِمَعْنَى تَحْلِقُ قَوْمَهَا بِشُؤْمِهَا.

وَمِنْهَا: أَنَّ هَذَا مِنْ الْكَلَامِ الَّذِي كَثُرَ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ، حَتَّى لَا يُرَادَ بِهِ أَصْلُ مَوْضُوعِهِ. كَقَوْلِهِمْ: تَرِبَتْ يَدَاكَ. وَمَا أَشْعَرَهُ قَاتَلَهُ اللَّهُ. وَأَفْلَحَ وَأَبِيهِ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَلْفَاظِ الَّتِي لَا يُقْصَدُ أَصْلُ مَوْضُوعِهَا لِكَثْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا.

[حَدِيثُ أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِمْ بِالْبَيْتِ]

فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ وَاجِبٌ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيَجِبُ الدَّمُ بِتَرْكِهِ. وَهَذَا بَعْدُ تَقْرِيرٌ أَنَّ إخْبَارَ الصَّحَابِيِّ عَنْ صِيغَةِ الْأَمْرِ كَحِكَايَتِهِ لَهَا. وَلَا دَمَ فِيهِ عِنْدَ مَالِكٍ. وَلَا وُجُوبَ لَهُ عِنْدَهُ.

وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى سُقُوطِهِ عَنْ الْحَائِضِ. وَفِيهِ خِلَافٌ عَنْ بَعْضِ السَّلَفِ، أَعْنِي ابْنَ عُمَرَ، أَوْ مَا يُقَرِّبُ - أَيْ مِنْ الْخِلَافِ - مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>