للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاستيلاء على التركة، ودعا إلى نفسه، وخطب لنفسه بالخلافة، وتلقب بالراشد بالله (١)، وأظهر ذلك، وبايعه أهل الحرمين.

وفارقه الوزير أبو القاسم من مكة وسار إلى الرّملة، فاجتمع بمفرّج بن دغفل بن الجراح الطائى وبنيه حسان، ومحمود، وعلى، وبايعهم لأبى الفتوح. ولما تقرر ذلك طلع على المنبر يوم الجمعة وخطب الناس، فكان أول ما استفتح به فى تحريض الناس على خلع الحاكم أن قرأ-وهو يشير إليهم- ﴿طسم* تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ* نَتْلُوا عَلَيْكَ مِنْ نَبَإِ مُوسى وَ فِرْعَوْنَ بِالْحَقِّ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ* إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ وَ جَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ وَ يَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ إِنَّهُ كانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ* وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَ نَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَ نَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ* وَ نُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَ نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَ جُنُودَهُما مِنْهُمْ ما كانُوا يَحْذَرُونَ*﴾ (٢) ولما فرغ من أخذ البيعة على آل الجراح رجع إلى مكة، وحمل أبا الفتوح على التوجّه معه إلى الرملة، فسار بمن معه فى نحو ألف فارس من بنى حسن، ونحو ألف عبد من قوّاده. فلما قرب الرملة تلقّاه مفرّج وأولاده وسائر وجوه العرب، وترجّلوا له وقبّلوا الأرض بين يديه، وسلّموا عليه بالخلافة، ومشوا فى ركابه، وكان راكبا على فرس متقلدا


(١) ورد أمام هذا الكلام فى هامش الأصول «ادعاء أبى الفتوح صاحب مكة الخلافة وتلقبه بالراشد بالله».
(٢) سورة القصص الآيات ١ - ٦.