للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بِالْمَدِينَةِ، كَانَ نُزُولُهُ عَلَى كُلْثُومَ بْنِ الْهَرِمِ، وَقِيلَ: كَانَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكًا، وَجَزَمَ بِهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ زَبَالَةَ فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ.

قَوْلُهُ: (وَذَلِكَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ) وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَشَذَّ مَنْ قَالَ: يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَدِمَهَا لِهِلَالِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَيْ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْهُ، وَفِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَدِمَهَا لِلَيْلَتَيْنِ خَلَتَا مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَنَحْوَهُ عِنْدَ أَبِي مَعْشَرٍ، لَكِنْ قَالَ: لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ، وَمِثْلُهُ عَنِ ابْنِ الْبَرْقِيِّ، وَثَبَتَ كَذَلِكَ فِي أَوَاخِرِ صَحِيحِ مُسْلِمٍ، وَفِي رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ قَدِمَهَا لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَعِنْدَ أَبِي سَعِيدٍ فِي شَرَفِ الْمُصْطَفَى مِنْ طَرِيقِ أَبِي بَكْرِ بْنِ حَزْمٍ قَدِمَ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ.

وَهَذَا يُجْمَعُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الَّذِي قَبْلَهُ بِالْحَمْلِ عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ، وَعِنْدَهُ مِنْ حَدِيثِ عُمَرَ ثُمَّ نَزَلَ عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ كَذَا فِيهِ، وَلَعَلَّهُ كَانَ فِيهِ خَلَتَا لِيُوَافِقَ رِوَايَةَ جَرِيرٍ، وَابْنِ حَازِمٍ، وَعِنْدَ الزُّبَيْرِ فِي خَبَرِ الْمَدِينَةِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ فِي نِصْفِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَقِيلَ: كَانَ قُدُومُهُ فِي سَابِعِهِ، وَجَزَمَ ابْنُ حَزْمٍ بِأَنَّهُ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لِثَلَاثِ لَيَالٍ بَقِينَ مِنْ صَفَرٍ، وَهَذَا يُوَافِقُ قَوْلَ هِشَامِ بْنِ الْكَلْبِيِّ إِنَّهُ خَرَجَ مِنَ الْغَارِ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ أَوَّلَ يَوْمٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَلَعَلَّ قُدُومَهُ قُبَاءَ كَانَ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ ثَامِنَ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ، وَإِذَا ضُمَّ إِلَى قَوْلِ أَنَسٍ إِنَّهُ أَقَامَ بِقُبَاءَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَرَجَ مِنْهُ أَنَّ دُخُولَهُ الْمَدِينَةَ كَانَ لِاثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ مِنْهُ، لَكِنِ الْكَلْبِيُّ جَزَمَ بِأَنَّهُ دَخَلَهَا لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْهُ، فَعَلَى قَوْلِهِ تَكُونُ إِقَامَتُهُ بِقُبَاءَ أَرْبَعَ لَيَالٍ فَقَطْ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حِبَّانَ، فَإِنَّهُ قَالَ: أَقَامَ بِهَا الثُّلَاثَاءَ وَالْأَرْبِعَاءَ وَالْخَمِيسَ يَعْنِي وَخَرَجَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ، وَكَذَا قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ: إِنَّهُ أَقَامَ فِيهِمْ ثَلَاثَ لَيَالٍ، فَكَأَنَّهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِيَوْمِ الْخُرُوجِ وَلَا الدُّخُولِ، وَعَنْ قَوْمٍ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ أَنَّهُ أَقَامَ فِيهِمُ اثْنَيْنِ وَعِشْرِينَ يَوْمًا، حَكَاهُ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، وَفِي مُرْسَلِ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ مَا يَقْرُبُ مِنْهُ كَمَا يُذْكَرُ عَقِبَ هَذَا، وَالْأَكْثَرُ أَنَّهُ قَدِمَ نَهَارًا، وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ لَيْلًا، وَيُجْمَعُ بِأَنَّ

الْقُدُومَ كَانَ آخِرَ اللَّيْلِ فَدَخَلَ نَهَارًا.

قَوْلُهُ: (فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ لِلنَّاسِ) أَيْ يَتَلَقَّاهُمْ.

قَوْلُهُ: (فَطَفِقَ) أَيْ جَعَلَ (مَنْ جَاءَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَرَ رَسُولَ اللَّهِ Object يُحَيِّي أَبَا بَكْرٍ) أَيْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: إِنَّمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ بِأَبِي بَكْرٍ لِكَثْرَةِ تَرَدُّدِهِ إِلَيْهِمْ فِي التِّجَارَةِ إِلَى الشَّامِ، فَكَانُوا يَعْرِفُونَهُ، وَأَمَّا النَّبِيُّ Object فَلَمْ يَأْتِهَا بَعْدَ أَنْ كَبُرَ. قُلْتُ: ظَاهِرُ السِّيَاقِ يَقْتَضِي أَنَّ الَّذِي يُحَيِّي مِمَّنْ لَا يَعْرِفُ النَّبِيَّ Object يَظُنُّهُ أَبَا بَكْرٍ، فَلِذَلِكَ يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ عَلَيْهِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي بَقِيَّةِ الْحَدِيثِ فَأَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ يُظَلِّلُ عَلَيْهِ بِرِدَائِهِ، فَعَرَفَ النَّاسُ رَسُولَ اللَّهِ Object وَوَقَعَ بَيَانُ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: وَجَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ Object صَامِتًا، فَطَفِقَ مَنْ جَاءَ مِنَ الْأَنْصَارِ مِمَّنْ لَمْ يَكُنْ رَآهُ يَحْسِبُهُ أَبَا بَكْرٍ، حَتَّى إِذَا أَصَابَتْهُ الشَّمْسُ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ بِشَيْءٍ أَظَلَّهُ بِهِ.

وَلِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُوَيْمٍ فِي رِوَايَةِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَاخَ إِلَى الظِّلِّ هُوَ وَأَبُو بَكْرٍ، وَاللَّهِ مَا أَدْرِي أَيُّهُمَا هُوَ، حَتَّى رَأَيْنَا أَبَا بَكْرٍ يَنْحَازُ لَهُ عَنِ الظِّلِّ فَعَرَفْنَاهُ بِذَلِكَ.

قَوْلُهُ: (فَلَبِثَ رَسُولُ اللَّهِ Object فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ بِضْعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً) فِي حَدِيثِ أَنَسٍ الْآتِي فِي الْبَابِ الَّذِي يَلِيهِ أَنَّهُ أَقَامَ فِيهِمْ أَرْبَعَ عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَقَدْ ذَكَرْتُ قَبْلَهُ مَا يُخَالِفُهُ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. قَالَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ: أَقَامَ فِيهِمْ ثَلَاثًا. قَالَ: وَرَوَى ابْنُ شِهَابٍ، عَنْ مَجْمَعِ بْنِ حَارِثَةَ أَنَّهُ أَقَامَ اثْنَتيْنِ وَعِشْرِينَ لَيْلَةً. وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: أَقَامَ فِيهِمْ خَمْسًا، وَبَنُو عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ يَزْعُمُونَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ. قُلْتُ: لَيْسَ أَنَسٌ مِنْ بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، فَإِنَّهُمْ مِنَ الْأَوْسِ وَأَنَسٌ مِنَ الْخَزْرَجِ، وَقَدْ جَزَمَ بِمَا ذَكَرْتُهُ فَهُوَ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ غَيْرِهِ.

قَوْلُهُ: (وَأُسِّسَ الْمَسْجِدُ الَّذِي أُسِّسَ