حدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا معاذ بن المثنى قال: حدثنا أبو عمر الحوضي قال: حدثنا محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ردّ شهادة الخائن والخائنة، وشهادة ذي الغمر على أخيه، ورد القانع لأهل البيت، وأجازها على غيرهم. وحدثنا محمد بن بكر قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا محمد بن راشد بإسناده مثله. إلا أنه قال: ورد شهادة القانع لأهل البيت. قال أبو بكر: قوله: القانع لأهل البيت، يدخل فيه: الأجير الخاص؛ لأن معناه: التابع لهم، والأجير الخاص: هذه صفته. وأما الأجير المشترك: فهو وسائر الناس في ماله بمنزلة، فلا يمنع ذلك جواز شهادته. وكذلك شريك العنان تجوز شهادته له في غير مال الشركة. وقال أصحابنا: كل شهادة ردت للتهمة لم تقبل أبدًا مثل شهادة أحد الزوجين للآخر، إذا ردت لفسقه، ثم تاب وأصلح فشهد بتلك الشهادة لم تقبل أبدًا. ومثل شهادة أحد الزوجين للآخر: إذا ردت ثم شهد بها بعد زوال الزوجية لم تقبل أبدًا. وقالوا: لو شهد عبد بشهادة، أو كافر، أو صبي، فردت، ثم أعتق العبد أو أسلم الكافر أو كبر الصبي أو عتق العبد وشهد بها لم تقبل أبدًا ولو لم تكن ردت قبل ذلك، فإنها جائزة. وروي عن عثمان بن عفان مثل قول مالك، وإنما قال أصحابنا: أنها إذا ردت لتهمة لم تقبل أبدًا من قبل أن الحاكم قد حكم بإبطالها. وحكم الحاكم: لا يجوز فسخه إلاّ بحكمٍ، ولا يصح فسخه بما لا يثبت من جهة الحكم، فلما لم يصح الحكم بزوال التهمة التي من أجلها ردت الشهادة، كان حكم الحاكم بإبطال تلك الشهادة ماضيًا لا يجوز فسخه أبدًا. وأما الرق والكفر والصغر، فإن المعاني التي ردت من أجلها وحكم الحاكم بإبطالها محكومٌ بزوالها؛ لأن الحرية والإسلام والبلوغ كل ذلك مما يحكم به الحاكم. فلما صح حكم الحاكم بزوال المعاني التي من أجلها بطلت شهادتهم، وجب أن تقبل. ولما لم يصح أن يحكم الحاكم بزوال التهمة؛ لأن ذلك=