للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= معنى لا تقوم به البينة، ولا يحكم به الحاكم، كان حكم الحاكم بإبطالها ماضيًا إذا كان ما ثبت من طريق الحكم لا ينفسخ إلاّ من جهة الحكم فهذه الأمور الثلاثة التي ذكرناها من العدالة، ونفي التهمة، وقلة الغفلة هي من شرائط الشهادات وقد انتظمها قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] فانظر إلى كثره هذه المعاني والفوائد والدلالات على الأحكام التي في ضمن قوله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: ٢٨٢] مع قلة حروفه وبلاغة لفظه ووجازته اختصاره، وظهور فوائده. وجميع ما ذكرنا من عند ذكرنا لمعنى هذا اللفظ من أقاويل السلف والخلف واستنباط كل واحدٍ منهم ما في مضمونه وتحريم موافقته مع احتماله لجميع ذلك يدل على أنه كلام الله. ومن عنده تعالى، وتقدس إذ ليس في وسع المخلوقين إيراد لفظٍ يتضمن من المعاني والدلالات والفوائد والأحكام ما تضمنه هذا القول مع اختصاره وقلة عدد حروفه. وعسى أن يكون ما لم يحط به علمنا من معانيه مما لو كتب لطال وكثر. والله نسأل التوفيق، لنعلم أحكامه ودلائل كتابه، وأن يجعل ذلك خالصًا لوجهه.
قوله تعالى - عز وجل -: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢] قرئ: فتذكر إحداهما الأخرى، بالتشديد. وقرئ: فتذكر إحداهما الأخرى، بالتخفيف. وقيل: إن معناهما قد يكون واحدًا. يقال: ذكَرْتُه وذكرْتُه. وروي ذلك: عن الربيع بن أنس، والسدي، والضحاك.
وحدثنا عبد الباقي بن قانع قال: حدثنا أبو عبيد مؤمل الصيرفي قال: حدثنا أبو يعلى البصري قال: حدثنا الأصمعي، عن أبي عمرو قال: من قرأ: فتذكر. مخففة، أراد تجعل شهادتهما بمنزلة شهادة ذكرٍ. ومن قرأ: فتذكر. بالتشديد، أراد من جهة التذكير. وروي ذلك: عن سفيان بن عيينة.
قال أبو بكر: إذا كان محتملاً للأمرين، وجب حمل كل واحدةٍ من القراءتين على معنًى وفائدة محددة، فيكون قوله تعالى: فتذكر. بالتخفيف. تجعلهما جميعا بمنزلة رجلٍ واحدٍ في ضبط الشهادة، وحفظها، وإتقانها. وقوله تعالى: {فَتُذَكِّرَ} [البقرة: ٢٨٢] من التذكير عند النسيان. واستعمال كل واحدٍ منهما على موجب دلالتيهما أولى من الاقتصار بها على موجب دلالة أحدهما. ويدل على ذلك أيضًا: قول النبي - صلى الله عليه وسلم -:=

<<  <   >  >>