للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= حتى يحفظ ويذكرها. وقال أبو حنيفة: ما وجد القاضي في ديوانه لا يقضي به إلَّا أن يذكره. وقال أبو يوسف: يقضي به إذا كان في قمطره وتحت خاتمه؛ لأنه لو لم يفعله أضر بالناس، وهو قول محمد. ولا خلاف بينهم: أنه لا يمضي شيئًا منه إذا لم يكن تحت خاتمه، وأنه لا يمضي ما وجده في ديوانه غيره من القضاة إلا أن يشهد به الشهود على حكم الحاكم الذي قبله. وقال ابن أبي ليلى مثل قول أبي يوسف فيما يجده في ديوانه. وذكر أبو يوسف أيضًا: عن ابن أبي ليلى: إذا أقر عند القاضي لخصمه، فلم يثبته في ديوانه، ولم يقض به عليه، ثم سأله المقر له به أن يقضي له على خصمه، فإنه لا يقضي به عليه في قول ابن أبي ليلى. وقال أبو حنيفة وأبو يوسف: يقضي به عليه إذا كان يذكره. وقال مالك فيمن عرف خطه ولم يذكر الشهادة: أنه لا يشهد على ما في الكتاب. ولكن يؤدي شهادته إلى الحكم كما علم، وليس للحاكم أن يجيزها، {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ} [البقرة: ٢٨٢] شهادته على نفسه في ذكر الحق ومات الشهود، فأنكر، فشهد رجلان: أنه خط نفسه، فإنه يحكم عليه بالمال، ولا يستحلف ربِّ المال. وذكر أشهب عنه، فيمن عرف خطه ولا يذكر الشهادة: أنه يؤديها إلى السلطان، ويعلمه ليرى فيه رأيه. وقال الثَّوريُّ: إذا ذكر أنه شهد ولا يذكر عدد الدراهم، فإنه لا يشهد وإن كتبها عنده، ولم يذكر: إلَّا أنه يعرف الكتاب، فإنه إذا ذكر أنه شهد، وأنه قد كتبها، فأرى أن يشهد على الكتاب. وقال الليث: إذا عرف أنه خط يده، وكان ممن يعلم أنه لا يشهد إلَّا بحق فليشهد. وقال الشافعي: إذا ذكر إقرار المقرّ، حكم به عليه، أثبته في ديوانه أو لم يثبته؛ لأنه لا معنى للديوان إلَّا الذكر. وقال في كتاب المزني: أنه لا يشهد حتى يذكر. قال أبو بكر: قد ذكرنا دلالة قوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى} [البقرة: ٢٨٢]. ودلالة قوله تعالى بعد ذكر الكتاب: {ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا}. على أن من شرط جواز إقامة الشّهادة ذكر الشّاهد لها، وأنَّه لا يجوز الاقتصار فيها على الخط، إذ الخط والكتاب مأمور به لتذكر به الشهادة. ويدل عليه أيضًا قوله تعالى: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٨٦)} [الزخرف: ٨٦]. فإذا لم يذكرها فهو غير عالمٍ بها. وقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: ٣٦]. يدل على ذلك، ويدل عليه: حديث ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:=

<<  <   >  >>