للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْمصنف في غير هذه الكتب -، وقاضي خان في أوّل فتاويه، وغيره.

والجواب كما ذكر: أنّ الاعتراض المذكور لازمٌ عليه، فيما استدل به لأبي حنيفة، فإنهّم كانوا عدولًا بذاك الأثر كان له أن يقضي وإن طعنَ الخصم فيما لا يثبت مع الشبهات، ويختار لهما اختلاف استصحاب الحال الذي ذكره، وهو كما علمنا من أحوال الناس ما علمنا بأن أكثر من التزم الإسلام لم يجتنب محارمه. فلم يبقَ مجرّد التزام الإسلام مظّنة العدالة. وكان الظّاهر الثّابت بالغالب بلا معارضٍ. والله أعلم.

وعن هذا ذهب من ذكرنا: أنّ الفتوى على قولهما. قال هذا إذا سكت المدّعى عليه عن الطعن أو طعن، فأمّا إذاعة الشهود فقال: هم عدولٌ. فهذا على ثلاثة أنواعٍ:

أمَّا إذا قال: هم عدولٌ صدقوا.

أو قال: عدول: أخطأوا.


= "إذا رأيت مثل الشمس فاشهد، وإلا فدع". وقد تقدم ذكر سنده. وأما الخط:
فقد يزور عليه، وقد يشتبه على الشاهد، فيظن: أنه خطه وليس بخطه، ولما كانت الشّهادة من مشاهدة الشيء، وحقيقة العلم به، فمن لا يذكر الشهادة فهو بخلاف هذه الصفة، فلا تجوز له إقامة الشهادة به. وقد أكّد أمر الشهادة حتّى صار، لا يقبل فيها إلاّ صريح لفظها، ولا يقبل ما يقوم مقامها من الألفاظ، فكيف يجوز العمل على الخط الذي يجوز عليه التزوير والتبديل. وقد روي عن أبي معاوية النخعي، عن الشعبي فيمن عرف الخط والخاتم: ولا يذكر الشهادة أنه لا يشهد به حتى يذكرها. وقوله تعالى: {أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا} [البقرة: ٢٨٢] معناه: أن ينساها؛ لأن الضلال هو الذهاب عن الشيء، فلما كان الناسي ذاهبًا عمّا نسيه، جاز أن يقال: ضلّ عنه. بمعنى: أنه نسيه. وقد يقال أيضًا: ضلّت عنه الشهادة، وضل عنها. والمعنى واحد. والله تعالى أعلم.

<<  <   >  >>