للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وبعد: فأما كونها حرفا؛ فقد عرفت أنه مذهب البصريين؛ وأن القائل باسميتها هم الكوفيون، والأخفش في أحد قوليه، وتقدم استدلال المصنف على الحرفية والجواب عما استدل به الكوفيون، وفي ما ذكره مع اختصاره ولفظه غنية عن غيره.

واعلم أن الكوفيين كما زعموا أن «رب» مبتدأ في: وربّ قتل عار؛ يزعمون أن: «ربّ ضرب ضربت»؛ بتقدير المصدر، وأن «رب يوم سرت»؛ بتقدير الظرف، وأن «رب رجل ضربت»؛ مفعول، و «رب رجل قائم»؛ مبتدأ كما يكون ذلك في «كم» إذا قلت: كم ضربة ضربت، وكم يوم سرت، وكم رجل ضربت، وكم رجل قام. ولا شك أن هذا جميعه إنما ابتنى عندهم على اسميتها ولكن لم يقم على كونها اسما دليل. وما استدل به على بطلان اسميتها أنها لا يدخل عليها حرف الجر ولو كانت اسما؛ لتعدى إليها الفعل بحرف جر كما يتعدى إليها الفعل المتعدي بنفسه فكنت تقول: برب رجل عالم مررت، كما تقول: رب رجل عالم أكرمت؛ إذ ليس في الكلام اسم تعمل فيه الأفعال المتعدية

بنفسها، ولا يعمل فيه الفعل المتعدي بحرف جر.

وقد احتج لهم بأنك تقول: رب رجل عاقل ضربت؛ فقد عديت المتعدي إلى ما ينصبه بنفسه بحرف جر.

وأجيب بأن حروف الجر لم تجلب للتعدي، وإنما جلبت لما تعطي من المعنى.

وأما كونها للتكثير وأن التقليل بها نادر؛ فقد استدل عليه المصنف بما لا مدفع له.

ولا شك أن مذهب سيبويه أنها للتكثير (١)، ويدل عليه ما أورده المصنف من كلامه الدالّ على ذلك. وقال الخضراوي: كون «رب» للتكثير هو المشهور عند الخليل، وظاهر كلام سيبويه؛ قال في باب «كم»: ومعناها معنى «ربّ» - يعني (٢) «كم» الخبرية - ثم قال - يعني سيبويه -: واعلم أن «كم» بمنزلة اسم ينصرف في الكلام غير منون يجر ما بعده إذا أسقط التنوين، وذلك الاسم نحو: مائتي درهم؛ فانجر الدرهم؛ لأن التنوين ذهب ودخل فيما قبله والمعنى معنى «ربّ» (٣).

قال الخضراوي: وأبو علي - يعني الفارسي يتأول المعنى هنا بالحكم (٤). قال: -


(١) الكتاب (٢/ ١٦١).
(٢) في الأصل: يعني أن.
(٣) الكتاب (٢/ ١٦١).
(٤) الهمع (٢/ ٢٥، ٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>