للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصلا لما صح من توحيد الله وطاعة رسوله بما لم يكن قبل ذلك، فالله ينصر رسله: {وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ} ١ كما قال -تعالى- في يوم بدر: {إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ} ٢. وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في كل يوم: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث"٣، وفي لفظ "أصلح لي شأني كله ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين، ولا إلى أحد من خلقك"٤. وهؤلاء يدعون الميت والغائب فيقول أحدهم: بك أستغيث، بك أستجير، أغثنا أجرنا، ويقول: أنت تعلم ذنوبي، ومنهم من يقول للميت: اغفر لي، وارحمني، وتب على، ونحو ذلك. ومن لم يقل من عقلائهم فإنه يقول: أشكو إليك ذنوبي، وأشكو إليك عدوي، وأشكو إليك جور الولاة، وظهور البدع، أو جدب الزمان وغير ذلك، فيشكون إليه ما حصل من ضرر في الدين والدنيا، ومقصوده في الشكوى أن يُشكيه ٥ فيزيل ذلك الضرر. وقد يقول مع ذلك للميت: أنت تعلم ما نزل بنا من الضرر، وأنت تعلم ما فعلته من الذنوب، فيجعل الميت والحي والغائب عالمًا بذنوب العباد ومجرياتهم التي يمتنع أن يعلمها بشر حي أو ميت ٦.

وعقلاؤهم يقولون: مقصودنا أن يسأل الله لنا، ويظنون أنهم إذا سألوه بعد موته أن يسأل الله لهم فإنه يسأل الله لهم ٧، فإنه يسأل ويشفع كما كان يسأل ويشفع لما سأله الصحابة الاستسقاء وغيره، وكما يشفع يوم القيامة إذا سئل الشفاعة، ولا يعلمون أن سؤال الميت والغائب غير مشروع البتة، ولم يفعله أحد


١ سورة غافر آية: ٥١.
٢ سورة الأنفال آية: ٩.
٣ الترمذي: الدعوات (٣٥٢٤).
٤ أبو داود: الأدب (٥٠٩٠) , وأحمد (٥/ ٤٢).
٥ يشكيه بضم الياء من الإشكاء وهو إزالة ما يشكو منه من ضر.
٦ ومن كلمات خواصهم التي سمعت من بعض قضاة الشرع وغيرهم من أهل العلم قولهم عند القبر المنسوب إلى الحسين -رضي الله عنه-: ياسيدي العارف لا يعرف إلخ.
٧ قد سقط من هنا كلام فيه ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم-.

<<  <  ج: ص:  >  >>