للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الصحابة، بل عدلوا عن سؤاله، وطلبوا الدعاء منه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم وسائر الأنبياء والصالحين وغيرهم لا يطلب من أحدهم بعد موته من الأمور ما كان يطلب منه في حياته. انتهى كلام الشيخ -رحمه الله- ملخصًا.

[أنواع عبادة القبور ومخالفة النصوص فيها]

فانظر -رحمك الله- إلى ما ذكره هذا الإمام من أنواع الشرك الأكبر الذي قد وقع في زمانه ممن يدعي العلم والمعرفة، وينتصب للفتيا والقضاء، لكن لما نبههم الشيخ -رحمه الله- على ذلك، وبين لهم أن هذا من الشرك الذي حرمه الله ورسوله، تنبه من تنبه منهم وتاب إلى الله، وعرف أن ما كان عليه شرك وضلال، وانقاد للحق؛ وهذا مما يبين لك غربة الإسلام في ذلك الوقت عند كثير من الأنام. وأن هذا مصداق ما تواترت به الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لتتبعن سنن من كان قبلكم"١ الحديث، أو قوله: "بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ"٢ وبهذا ينكشف لك ويتضح عندك بطلان ما عليه كثير من أهل الزمان، من أنواع الشرك والبدع والحدثان، قلا تغتر بما هم عليه، وهذه هي البلية العظيمة، والخصلة القبيحة الذميمة، وهي الاغترار بالآباء والأجداد، وما استمر عليه عمل كثير من أهل البلاد، وتلك الحجة التي انتحلها أهل الشرك والكفر والعناد، كما حكى الله عنهم ذلك في محكم التنْزيل، من غير شك ولا تأويل، حيث قال وهو أصدق القائلين، حكاية عن فرعون اللعين، أنه قال لموسي وأخيه هارون الكريمين: {قَالَ فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الأُولَى} ٣، فأجابه -عليه السلام- بقوله: {عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} ٤.

فمن امتطى كاهل الصدق والوفاء، وسلم من التعصب والعناد والجفاء،


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/ ٨٤ ,٣/ ٨٩ ,٣/ ٩٤).
٢ مسلم: الإيمان (١٤٥) , وابن ماجه: الفتن (٣٩٨٦) , وأحمد (٢/ ٣٨٩).
٣ سورة طه آية: ٥١.
٤ سورة طه آية: ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>