للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

برؤُوسها. وَفِي الْحَدِيثِ

أَنه قَالَ لِعَلِيٍّ: أَنتَ الذائِدُ عَنْ حَوْضِي يومَ القيامةِ، تَذُودُ عَنْهُ الرِّجَالَ كَمَا يُذادُ البَعِيرُ الصادُ

؛ يَعْنِي الَّذِي بِهِ الصَّيَدُ وَهُوَ دَاءٌ يُصِيبُ الإِبل فِي رؤُوسها فَتَسِيلُ أُنوفها وترفَعُ رؤُوسَهَا وَلَا تَقْدِرُ أَن تَلْوِيَ مَعَهُ أَعناقها. يُقَالُ: بَعِيرٌ صادٌ أَي ذُو صادٍ، كَمَا يُقَالُ: رَجُلٌ مالٌ ويومٌ راحٌ أَي ذُو مالٍ وَرِيحٍ. وَقِيلَ: أَصلُ صادٍ صَيِد، بِالْكَسْرِ. قَالَ ابْنُ الأَثير: وَيَجُوزُ أَن يُرْوَى صادٍ، بِالْكَسْرِ، عَلَى أَنه اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الصَّدَى الْعَطَشُ. قَالَ: والصِّيدُ أَيضاً جَمْعُ الأَصْيَدِ. وَقَالَ اللَّيْثُ وَغَيْرُهُ: الصَّيَدُ مصْدَر الأَصْيَد، وَهُوَ الَّذِي يَرْفَعُ رأْسه كِبْراً؛ وَمِنْهُ قِيلَ للمَلِك: أَصْيَدُ لأَنه لَا يَلْتَفِتُ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا، وَكَذَلِكَ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الِالْتِفَاتَ مِنْ دَاءٍ، وَالْفِعْلُ صَيِدَ، بِالْكَسْرِ، يَصْيدُ؛ قَالَ: وأَهل الْحِجَازِ يُثْبتون الْيَاءَ وَالْوَاوَ نَحْوَ صَيِدَ وعَوِرَ، وَغَيْرُهُمْ يَقُولُ صادَ يَصادُ وَعَارَ يَعَارُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وإِنما صَحَّتِ الْيَاءُ فِيهِ لِصِحَّتِهَا فِي أَصله لِتَدُلَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ اصْيَدَّ، بِالتَّشْدِيدِ، وَكَذَلِكَ اعْوَرَّ لأَن عَوِرَ واعْوَرَّ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وإِنما حُذِفَتْ مِنْهُ الزَّوَائِدُ لِلتَّخْفِيفِ وَلَوْلَا ذَلِكَ لَقُلْتَ صادَ وعارَ وقَلَبْتَ الْوَاوَ أَلفاً كَمَا قَلَبْتَهَا فِي خَافَ؛ قَالَ: وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنه افْعَلَّ مجيءُ أَخواته عَلَى هَذَا فِي الأَلوان وَالْعُيُوبِ نَحْوَ اسْوَدَّ واحْمَرَّ، وَلِذَا قَالُوا عَوِرَ وعَرِجَ لِلتَّخْفِيفِ، وَكَذَلِكَ قِيَاسُ عَمِيَ وإِن لَمْ يَسْمَعْ، وَلِهَذَا لَا يُقَالُ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَا أَفعله فِي التَّعَجُّبِ، لأَن أَصله يَزِيدُ عَلَى الثُّلَاثِيِّ وَلَا يُمْكِنُ بِنَاءُ الرُّبَاعِيِّ مِنَ الرُّبَاعِيِّ، وإِنما يُبْنَى الْوَزْنُ الأَكثر مِنَ الأَقل. وَفِي حَدِيثِ

ابْنِ الأَكوع: قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِني رَجُلٌ أَصْيَدُ، أَفَأُصَلِّي فِي الْقَمِيصِ الْوَاحِدِ؟ قَالَ: نَعَمْ وازْرُره عَلَيْكَ وَلَوْ بشَوْكَةٍ

؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: هَكَذَا جَاءَ فِي رِوَايَةٍ وَهُوَ الَّذِي فِي رَقَبَتِهِ عِلَّةٌ لَا يُمْكِنُهُ الِالْتِفَاتُ مَعَهَا. قَالَ: وَالْمَشْهُورُ إِني رَجُلٌ أَصْيَدُ مِنَ الِاصْطِيَادِ. قَالَ: ودواءُ الصَّيَد أَن يُكْوَى مَوْضِعٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَيَذْهَبُ الصَّيَد؛ وأَنشد:

أَشْفي المَجانِينَ وأَكْوي الأَصْيَدا

والصَّادُ: النحاسُ؛ قَالَ أَبو عُبَيْدٍ: الصادُ قدُور الصُّفْرِ وَالنُّحَاسِ؛ قَالَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ:

رَأَيْتُ قُدوُرَ الصادِ حَوْلَ بُيُوتِنا، ... قبَائِلَ سُحْماً فِي المَحِلة صُيَّما «١»

وَالْجَمْعُ صِيدانٌ، والصادِيُّ مَنْسُوبٌ إِليه، وَقِيلَ: الصادُ الصُّفْرُ نَفْسُه. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الصَّيْدانُ النُّحاس؛ وَقَالَ كَعْبٌ:

وقِدْراً تَغْرَقُ الأَوْصالُ فِيه، ... مِنَ الصَّيْدانِ، مُتْرَعَةً رَكودا

والصَّيْدانُ والصَّيْداءُ: حَجَرٌ أَبيض تُعْمَلُ مِنْهُ البِرامُ. غَيْرُهُ: والصَّيْدان، بِالْفَتْحِ، بِرامُ الْحِجَارَةِ؛ قَالَ أَبو ذُؤَيْبٍ:

وسُودٍ منَ الصَّيْدانِ فِيهَا مَذانِبٌ ... نُضارٌ، إِذا لَمْ نَسْتَفِدها نُعارُها

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَيُرْوَى هَذَا الْبَيْتُ بِفَتْحِ الصَّادِ مِنَ الصَّيْدان وَكَسْرِهَا، فَمَنْ فَتَحَهَا جَعَلَ الصَّيْدان جَمْعَ صَيْدانة، فَيَكُونُ مِنْ بَابِ تَمْرٍ وَتَمْرَةٍ، وَمَنْ كَسَرَهَا جَعَلَهَا جَمْعَ صَادٍّ لِلنُّحَاسِ، وَيَكُونُ صادٌ وصيدانٌ بِمَنْزِلَةِ تَاجٍ وَتِيجَانٍ. وَقَوْلُهُ فِيهَا مذانِبُ نُضارٌ، يُرِيدُ فِيهَا مغارِفُ مَعْمُولَةٌ مِنَ النُّضار، وَهُوَ شَجَرٌ مَعْرُوفٌ. قَالَ: وأَما الْحِجَارَةُ الَّتِي تُعمل منها القُدور فهي


(١). قوله [قبائل] في الأَساس قنابل.

<<  <  ج: ص:  >  >>