لأَنه كَانَ يَلْزَمُهُ مِنْهُ حذفُ سَاكِنِ الْوَتَدِ فَتَصِيرُ مُتَفَاعِلُنْ إِلى متفاعِلُ، وَهَذَا لَا يُجِيزه أَحد، فإِن قُلْتَ: فَهَلَّا نوَّنته كَمَا تُنوِّن فِي الشِّعْرِ الْفِعْلَ نَحْوَ قَوْلِهِ:
مِنْ طَلَلٍ كالأَتْحمِيّ أَنْهَجَنْ
وَقَوْلِهِ:
دايَنْتُ أَرْوَى والدُّيُون تُقْضَيَنْ
فَكَانَ ذَلِكَ يَفِي بِوَزْنِ الْبَيْتِ لِمَجِيءِ نُونِ مُتَفَاعِلُنْ؟ قِيلَ: هَذَا التَّنْوِينُ إِنما يَلْحَقُ الْفِعْلَ فِي الشِّعْرِ إِذا كَانَ الْفِعْلُ قَافِيَةً، فأَما إِذا لَمْ يَكُنْ قَافِيَةً فإِن أَحداً لَا يُجِيزُ تَنْوِينَهُ، وَلَوْ كَانَ نُبَايِعُ مَهْمُوزًا لَكَانَتْ نُونُهُ وَهَمْزَتُهُ أَصليتين فَكَانَ كعُذافِر، وَذَلِكَ أَن النُّونَ وَقَعَتْ مَوْقِعَ أَصل يُحْكَمُ عَلَيْهَا بالأَصلية، وَالْهَمْزَةُ حَشْو فَيَجِبُ أَن تَكُونَ أَصلًا، فإِن قُلْتَ: فَلَعَلَّهَا كَهَمْزَةِ حُطائطٍ وجُرائض؟ قِيلَ: ذَلِكَ شَاذٌّ فَلَا يَحْسُنُ الحَمْل عَلَيْهِ وصَرْفُ نُبايعٍ، وَهُوَ مَنْقُولٌ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ التَّعْرِيفِ والمِثال، ضرورةٌ، وَاللَّهُ أَعلم.
[فصل التاء]
تبع: تَبِعَ الشيءَ تَبَعاً وتَباعاً فِي الأَفعال وتَبِعْتُ الشيءَ تُبوعاً: سِرْت فِي إِثْرِه؛ واتَّبَعَه وأَتْبَعَه وتتَبَّعه قَفاه وتَطلَّبه مُتَّبعاً لَهُ وَكَذَلِكَ تتَبَّعه وتتَبَّعْته تتَبُّعاً؛ قَالَ القُطامي:
وخَيْرُ الأَمْرِ مَا اسْتَقْبَلْتَ مِنْهُ، ... وَلَيْسَ بأَن تتَبَّعَه اتِّباعا
وضَع الاتِّباعَ مَوْضِعَ التتبُّعِ مَجَازًا. قَالَ سِيبَوَيْهِ: تتَبَّعَه اتِّباعاً لأَن تتَبَّعْت فِي مَعْنَى اتَّبَعْت. وتَبِعْت الْقَوْمَ تَبَعاً وتَباعةً، بِالْفَتْحِ، إِذا مَشَيْتَ خَلْفَهُمْ أَو مَرُّوا بِكَ فمضَيْتَ مَعَهُمْ. وَفِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ:
تابِعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ عَلَى الخيْراتِ
أَي اجْعَلْنا نَتَّبِعُهم عَلَى مَا هُمْ عَلَيْهِ. والتِّباعةُ: مِثْلُ التَّبعةِ والتِّبعةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:
أَكَلَت حَنِيفةُ رَبَّها، ... زَمَنَ التقَحُّمِ والمَجاعهْ
لَمْ يَحْذَرُوا، مِنْ ربِّهم، ... سُوء العَواقِبِ والتِّباعهْ
لأَنهم كَانُوا قَدِ اتَّخَذُوا إِلهاً مِنْ حَيْسٍ فعَبَدُوه زَماناً ثُمَّ أَصابتهم مَجاعة فأَكلوه. وأَتْبَعه الشيءَ: جَعَلَهُ لَهُ تَابِعًا، وَقِيلَ: أَتبَعَ الرجلَ سَبَقَهُ فلَحِقَه. وتَبِعَه تَبَعاً واتَّبَعه: مرَّ بِهِ فمضَى مَعَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ فِي صِفَةِ ذِي القَرْنَيْنِ: ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً*
، بِتَشْدِيدِ التَّاءِ، وَمَعْنَاهَا تَبِعَ، وَكَانَ أَبو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ يقرؤُها بِتَشْدِيدِ التَّاءِ وَهِيَ قِرَاءَةُ أَهل الْمَدِينَةِ، وَكَانَ
الْكِسَائِيُّ يقرؤُها ثُمَّ أَتبع سَبَبًا
، بِقَطْعِ الأَلف، أَي لَحِقَ وأَدْرك؛ قَالَ ابْنُ عُبَيْدٍ: وَقِرَاءَةُ أَبي عَمْرٍو أَحبُّ إِليَّ مِنْ قَوْلِ الْكِسَائِيِّ. واسْتَتْبَعَه: طلَب إِليه أَن يَتبعه. وَفِي خَبَرِ الطَّسْمِيِّ النافِر مِنْ طَسمٍ إِلى حَسَّان الْمَلِكِ الَّذِي غَزا جَدِيساً: أَنه اسْتَتْبَع كَلْبَةً لَهُ أَي جَعَلَهَا تَتبعه. والتابِعُ: التَّالي، وَالْجَمْعُ تُبَّعٌ وتُبَّاعٌ وتَبَعة. والتَّبَعُ: اسْمٌ لِلْجَمْعِ وَنَظِيرُهُ خادِمٌ وخَدَم وطالبٌ وطلَبٌ وغائبٌ وغَيَبٌ وسالِفٌ وسَلَفٌ وراصِدٌ ورَصَدٌ ورائحٌ ورَوَحٌ وفارِطٌ وفرَطٌ وحارِسٌ وحَرَسٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ وقافِلٌ مِنْ سفَره وقَفَلٌ وخائلٌ وخَوَلٌ وخابِلٌ وخَبَلٌ، وَهُوَ الشَّيْطَانُ،