ومَيْعةُ الحُضْرِ والشَّبابِ والسُّكْرِ والنهارِ وجرْي الفَرَسِ: أَوَّلُه وأَنْشَطُه، وَقِيلَ: مَيْعةُ كلِّ شَيْءٍ مُعْظَمُه. والمَيْعةُ: سَيَلانُ الشَّيْءِ المَصْبُوبِ. والمَيْعةُ والمائِعةُ: ضَرْبٌ مِنَ العِطْرِ. والمَيْعةُ: صَمْغٌ يَسِيلُ مِنْ شَجَرِ بِبِلَادِ الرُّومِ يُؤْخَذُ فَيُطْبَخُ، فَمَا صَفَا مِنْهُ فَهُوَ المَيْعةُ السائلةُ، وَمَا بَقِيَ مِنْهُ شِبْهَ الثَّجِير فَهُوَ المَيْعةُ اليابسةُ؛ قَالَ الأَزهري: وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِهَذِهِ الهَنةِ مَيْعةٌ لسَيَلانِه؛ وَقَالَ رُؤْبَةُ:
والقَيْظُ يُغْشِيها لُعاباً مائِعا، ... فَأْتَجَّ لَفَّافٌ بِهَا المَعامِعا
ائْتَجَّ: تَوَهَّجَ، واللَّفَّافُ: القَيْظُ يَلُفُّ الْحَرَّ أَيْ يَجْمَعُهُ، ومَعْمَعةُ الْحَرِّ: التِهابُه. وَيُقَالُ لناصِيةِ الفرَس إِذا طالَتْ وسالتْ: مَائِعَةٌ؛ وَمِنْهُ قَوْلُ عَدِيٍّ:
يهَزْهِزُ غُصناً ذَا ذوائبَ مَائِعًا
أَراد بالغُصن الناصيةَ
[فصل النون]
نبع: نَبَعَ الماءُ ونبِعَ ونَبُعَ؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، يَنْبِعُ وينْبَعُ ويَنْبُع؛ الأَخيرة عَنِ اللِّحْيَانِيِّ، نَبْعاً ونُبُوعاً: تَفجَّر، وَقِيلَ: خَرَجَ مِنَ الْعَيْنِ، وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْعَيْنُ يَنْبُوعاً؛ قَالَ الأَزهري: هُوَ يَفْعُولٌ مِنْ نَبَعَ الْمَاءِ إِذا جَرَى مِنْ الْعَيْنِ وَجَمْعُهُ يَنابِيعُ، وَبِنَاحِيَةِ الْحِجَازِ عَيْنُ مَاءٍ يُقَالُ لَهَا يَنْبُعُ تَسْقِي نَخِيلًا لآلِ عَلِيِّ بْنِ أَبي طَالِبٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ؛ فأَمّا قَوْلُ عَنْتَرَةُ:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ ... زَيّافةٍ، مِثْلِ الفَنِيقِ المُقْرَمِ
فإِنما أَراد ينْبَع فأَشْبع فَتْحَةَ الْبَاءِ لِلضَّرُورَةِ فنشأَت بَعْدَهَا أَلف، فإِن سأَل سَائِلٌ فَقَالَ: إِذا كَانَ يَنْباعُ إِنما هُوَ إِشباع فَتْحَةِ بَاءِ يَنْبَعُ فَمَا تَقُولُ فِي يَنْبَاعُ هَذِهِ اللَّفْظَةِ إِذا سَمَّيْتَ بِهَا رَجُلًا أَتصرفه مَعْرِفَةً أَم لَا؟ فَالْجَوَابُ أَن سَبِيلَهُ أَن لَا يُصرف مَعْرِفَةً، وَذَلِكَ أَنه وإِن كَانَ أَصله يَنْبَعُ فَنُقِلَ إِلى يَنْباعُ فإِنه بَعْدَ النَّقْلِ قَدْ أَشبه مِثَالًا آخَرَ مِنَ الْفِعْلِ، وَهُوَ يَنْفَعِلُ مِثْلُ يَنْقادُ ويَنْحازُ، فَكَمَا أَنك لَوْ سَمَّيْتَ رَجُلًا يَنْقادُ أَو يَنْحازُ لَمَا صَرَفْتَهُ فَكَذَلِكَ يَنْبَاعُ، وإِن كَانَ قَدْ فُقِدَ لَفْظُ يَنْبَعُ وَهُوَ يَفْعَلُ فَقَدْ صَارَ إِلى يَنْبَاعُ الَّذِي هُوَ بِوَزْنِ يَنْحَازُ، فإِن قُلْتَ: إِنّ يَنْبَاعُ يَفْعالُ ويَنْحازُ يَنْفَعِلُ، وأَصله يَنْحَوِزُ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَن يُشَبِّهَ أَلف يَفْعالُ بِعَيْنِ يَنْفَعِلُ؟ فَالْجَوَابُ أَنه إِنما شَبَّهْنَاهُ بِهَا تَشْبِيهًا لَفْظِيًّا فَسَاغَ لَنَا ذَلِكَ وَلَمْ نُشَبِّهْهُ تَشْبِيهًا مَعْنَوِيًّا فَيُفْسِدُ عَلَيْنَا ذَلِكَ، عَلَى أَن الأَصمعي قَدْ ذَهَبَ فِي يَنْبَاعُ إِلى أَنه يَنْفَعِلُ، قَالَ: وَيُقَالُ انْباعَ الشجاعُ يَنباعُ انْبِيَاعًا إِذا تَحَرَّكَ مِنَ الصَّفِّ مَاضِيًا، فَهَذَا يَنْفَعِلُ لَا مَحَالَةَ لأَجل مَاضِيهِ وَمَصْدَرِهِ لأَن انْباعَ لَا يَكُونُ إِلا انْفَعَلَ، والانْبِياعُ لَا يَكُونُ إِلَّا انْفِعالًا؛ أَنشد الأَصمعي:
يُطْرِقُ حِلْماً وأَناةً مَعاً، ... ثُمَّتَ يَنْباعُ انْبِياعَ الشُّجاع
ويَنْبُوعُه: مُفَجَّرُه. والينْبُوعُ: الجَدْوَلُ الْكَثِيرُ الْمَاءِ، وَكَذَلِكَ الْعَيْنُ؛ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً
، وَالْجَمْعُ اليَنابِيعُ؛ وَقَوْلُ أَبي ذُؤَيْبٍ:
ذَكَرَ الوُرُود بِهَا، وَسَاقَى أَمرُه ... سَوْماً، وأَقْبَل حَيْنُه يَتَنَبَّعُ
والنَّبْعُ: شَجَرٌ، زَادَ الأَزهريّ: مِنْ أَشجار الجبالِ تُتَّخَذُ مِنْهُ القِسِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ ذِكْرُ النَّبْعِ، قِيلَ: