للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ ابْنُ بَرِّيٍّ: وَحُكِيَ ابْنُ خَالَوَيْهِ أَنه لَمْ يَهْمِزْهُ أَحد مِنْ أَهل اللُّغَةِ غَيْرُ الأَصمعي. ابْنُ الأَثير فِي حَدِيثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ:

يُفَدِّيهمْ، ووَدُّوا لَوْ سَقَوْه، ... مِنَ الذِّيفَان، مُتْرَعةً مِلايا

الذِّيفانُ: السَّمُّ القاتِلُ، يُهْمَزُ وَلَا يُهْمَزُ، والمِلايا: يُرِيدُ بِهَا الْمَمْلُوءَةَ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ يَاءً وَهُوَ قَلْبٌ شَاذٌّ. وَحَكَى اللِّحْيَانِيُّ سَقَاهُ اللَّهُ كأْسَ الذَّيفانِ، بِفَتْحِ أَوله، وَهُوَ الْمَوْتُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

وتَديفُونَ فِيهِ مِنَ القُطَيْعاء

أَي تَخْلِطُون؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَالْوَاوُ فِيهِ أَكثر مِنَ الْيَاءِ، وَيُرْوَى بِالذَّالِ، وَهُوَ بالدال أَكثر.

[فصل الراء]

رأف: الرأْفة: الرَّحْمَةُ، وَقِيلَ: أَشد الرَّحْمَةِ؛ رَأَفَ بِهِ يَرْأَفُ ورَئِفَ ورَؤُفَ رَأْفَةً ورَآفةً. وَفِي التَّنْزِيلِ الْعَزِيزِ: وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ

؛ قَالَ الْفَرَّاءُ: الرَّأْفَةُ والرَّآفةُ مِثْلُ الكأْبةِ وَالْكَآبَةِ، وَقَالَ الزَّجَّاجُ: أَي لَا تَرْحَمُوهُمَا فَتُسْقِطوا عَنْهُمَا مَا أَمَر اللَّهُ بِهِ مِنَ الْحَدِّ. وَمِنْ صِفَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الرَّؤُوف وَهُوَ الرحيمُ لِعِبَادِهِ العَطُوفُ عَلَيْهِمْ بأَلطافه. والرَّأْفَةُ أَخصُّ مِنَ الرحمةِ وأَرَقُّ، وَفِيهِ لُغَتَانِ قُرِئَ بِهِمَا مَعًا: رَؤُوفٌ عَلَى فَعُولٍ؛ قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الأَنصاري:

نُطِيعُ نَبيَّنا ونُطِيعُ رَبّاً، ... هُوَ الرحمنُ كان بِنا رَؤُوفا

ورَؤُفٌ عَلَى فَعُلٍ؛ قَالَ جَرِيرٌ:

يَرى لِلْمُسلِمِينَ عَلَيْهِ حَقّاً، ... كفِعْلِ الوالِدِ الرَّؤُفِ الرحيمِ

وَقَدْ رَأَفَ يَرْأَفُ إِذَا رَحِمَ. والرَّأْفَةُ أَرَقُّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَلَا تَكاد تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ، والرحمةُ قَدْ تَقَعُ فِي الْكَرَاهَةِ للمَصْلحةِ. أَبو زَيْدٍ: يُقَالُ رَؤُفْتُ بِالرَّجُلِ أَرْؤُفُ بِهِ رَأْفَةً ورَآفَةً ورَأَفْتُ أَرْأَفُ بِهِ ورَئِفْتُ بِهِ رَأَفاً كلٌّ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ؛ قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: ومَن لَيَّنَ الهمزةَ وقال رَوُفَ جَعَلَهَا وَاوًا، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَأْفٌ، بِسُكُونِ الْهَمْزَةِ؛ قَالَ الشَّاعِرُ:

فآمِنوا بِنَبِيٍّ، لَا أَبا لكُمُ ... ذِي خاتَمٍ، صاغَهُ الرحمنُ، مَخْتُومِ

رَأْفٍ رَحِيمٍ بأَهْلِ البِرِّ يَرْحَمُهم، ... مُقَرَّبٍ عِنْدَ ذِي الكُرْسِيِّ مَرْحُومِ

ابْنُ الأَعرابي: الرأْفةُ الرحمةُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ رَئِفٌ، بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، ورَؤُفٌ. ابْنُ سِيدَهْ: وَرَجُلٌ رَؤُفٌ ورَؤُوفٌ ورَأْفٌ؛ وَقَوْلُهُ:

وَكَانَ ذُو العَرْشِ بِنَا أَرافِيْ

إِنَّمَا أَراد أَرأَفِيّاً كأَحْمَرِيّ، فأَبدل وسكَّنه عَلَى قَوْلِهِ:

وَآخِذُ منْ كلِّ حَيٍّ عُصُمْ

رجف: الرَّجَفانُ: الاضْطِرابُ الشديدُ: رجَفَ الشيءُ يَرْجُفُ رَجْفاً ورُجُوفاً ورَجَفَاناً ورَجِيفاً وأَرْجَفَ: خَفَقَ واضْطَرَبَ اضْطِراباً شَديداً، أَنشد ثَعْلَبٌ:

ظَلَّ لأَعلى رأْسه رَجِيفا

ورَجْفُ الشَّيْءِ كرَجَفانِ الْبَعِيرِ تَحْتَ الرَّحْلِ، وَكَمَا تَرْجُفُ الشجرةُ إِذَا رَجَفَتْها الرِّيحُ، وَكَمَا تَرْجُف السِّنُّ إِذَا نَغَضَ أَصْلُها. والرَّجْفَةُ: الزَّلْزَلَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>