للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُعْتِقُ عَبْدَه سَائِبَةً، فيَمُوتُ العَبْدُ ويَتْرُك مَالًا، وَلَا وارثَ لَهُ، فَلَا يَنْبَغِي لِمُعتقه أَن يَرْزَأَ مِنْ مِيراثِه شَيْئًا، إِلا أَن يَجْعَلَهُ فِي مِثْله. وَقَالَ ابْنُ الأَثير: قَوْلُهُ الصَّدَقةُ والسَّائبةُ ليومِهما، أَي يُرادُ بِهِمَا ثوابُ يومِ القيامةِ؛ أَي مَن أَعْتَقَ سائِبَتَه، وتَصَدَّقَ بِصَدقةٍ، فَلَا يَرْجِعُ إِلى الانْتِفاعِ بشيءٍ مِنْهَا بعدَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا، وإِن وَرِثَهما عَنْهُ أَحدٌ، فَلْيَصْرِفْهُما فِي مِثْلِهما، قَالَ: وَهَذَا عَلَى وَجْهِ الفَضْلِ، وطَلَبِ الأَجْرِ، لَا عَلَى أَنه حرامٌ، وإِنما كَانُوا يَكْرَهُونَ أَن يَرْجِعُوا فِي شيءٍ، جَعَلُوه لِلَّهِ وطَلَبُوا بِهِ الأَجر. وَفِي حَدِيثِ

عبدِ اللَّهِ: السَّائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاءَ

؛ أَي العَبْدُ الَّذِي يُعْتَقُ سائِبةً، وَلَا يَكُونُ ولاؤُه لِمُعْتِقِه، وَلَا وارِثَ لَهُ، فيَضَعُ مالَه حيثُ شاءَ، وَهُوَ الَّذِي ورَدَ النَّهْيُ عَنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ:

عُرِضَتْ عَليَّ النارُ فرأَيتُ صاحِبَ السَّائِبَتَيْنِ يُدْفَعُ بِعَصاً

، السَّائِبتانِ: بَدَنَتان أَهْداهما النبيُّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلى البَيْت، فأَخذهما رَجلٌ مِن الْمُشْرِكِينَ فذَهَبَ بِهِمَا؛ سمَّاهُما سائِبَتَيْنِ لأَنه سَيَّبَهُما لِلَّهِ تَعَالَى. وَفِي حديثِ

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: أَنَّ الحيلةَ بالمَنْطِقِ أَبْلَغُ مِنَ السُّيُوبِ فِي الكَلِمِ

؛ السُّيُوبُ: مَا سُيِّبَ وخُلِّي فسابَ، أَي ذَهَبَ. وسابَ فِي الْكَلَامِ: خاضَ فِيهِ بهَذْرٍ؛ أَي التَّلَطُّفُ والتَّقَلُّلُ مِنْهُ أَبلَغُ مِنَ الإِكثارِ. وَيُقَالُ سابَ الرَّجُل فِي مَنْطِقِه إِذا ذَهَبَ فِيهِ كلَّ مذهبٍ. والسَّيَابُ، مِثْلُ السَّحابِ: البَلَحُ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: هُوَ البُسْر الأَخضرُ، وَاحِدَتُهُ سَيابةٌ؛ وَبِهَا سُمِّيَ الرَّجل؛ قَالَ أُحَيْحةُ:

أَقْسَمْتُ لَا أُعْطِيكَ، فِي ... كَعْب ومَقْتَلِه، سَيابَهْ

فإِذا شَدَّدْته ضَمَمْتَه، فَقُلْتَ: سُيَّابٌ وسُيّابةٌ؛ قَالَ أَبو زُبَيْدٍ:

أَيَّامَ تَجْلُو لَنَا عَنْ بارِدٍ رَتِلٍ، ... تَخالُ نَكْهَتَها، باللَّيْلِ، سُيَّابَا

أَراد نَكْهةَ سُيَّابٍ وسُيَّابةٍ أَيضاً. الأَصمعي: إِذا تَعَقَّدَ الطَّلْعُ حَتَّى يَصِيرَ بَلَحًا، فَهُوَ السَّيابُ، مُخَفَّف، وَاحِدَتُهُ سَيابةٌ؛ وَقَالَ شَمِرٌ: هُوَ السَّدَى والسَّداءُ، مَمْدُودٌ بِلُغَةِ أَهل الْمَدِينَةِ؛ وَهِيَ السَّيابةُ، بلغةِ وَادِي القُرَى؛ وأَنشد للَبيدٍ:

سَيابةٌ مَا بِهَا عَيْبٌ، وَلَا أَثَرُ

قَالَ: وَسَمِعْتُ الْبَحْرَانِيِّينَ تَقُولُ: سُيَّابٌ وسُيَّابةٌ. وَفِي حَدِيثِ

أُسَيْد بْنِ حُضَيْرٍ: لَوْ سَأَلْتَنا سَيابةً مَا أَعْطَيْناكَها

، هِيَ بِفَتْحِ السِّينِ وَالتَّخْفِيفِ: البَلحَةُ، وَجَمْعُهَا سَيابٌ. والسِّيبُ: التُّفَّاحُ، فارِسيّ؛ قَالَ أَبو العلاءِ: وَبِهِ سُمِّيَ سِيبَوَيْهِ: سِيب تُفَّاحٌ، وَوَيْه رائحتُه، فكأَنه رَائِحَةُ تُفَّاحٍ. وسائبٌ: اسمٌ مِنْ سابَ يَسِيبُ إِذا مَشى مُسْرِعاً، أَو مِنْ سابَ الماءُ إِذا جَرى. والمُسَيَّبُ: مِنْ شُعَرائِهم. والسُّوبانُ: اسْمُ وادٍ، وَاللَّهُ تَعَالَى أَعلم.

[فصل الشين المعجمة]

شأب: الشَّآبِيبُ مِن المَطر: الدُّفعاتُ. وشُؤْبُوبُ العَدْوِ مِثْلُهُ. ابْنُ سِيدَهْ: الشُّؤْبُوبُ: الدُّفْعةُ مِنَ الْمَطَرِ وَغَيْرِهِ. وَفِي حَدِيثِ

عَلِيٍّ، كَرَّمَ الله وَجْهَهُ: تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَر

<<  <  ج: ص:  >  >>