كُنَّا عَلَى شاطئِ النَّهْرِ بالأَهواز، وَقَدْ نَضَبَ عَنْهُ الماءُ
؛ قَالَ ابْنُ الأَثير: وَقَدْ يُسْتَعَارُ لِلْمَعَانِي. وَمِنْهُ حَدِيثُ
أَبي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: نَضَبَ عُمْرُه، وضَحَى ظِلُّه
أَي نَفِدَ عُمْرُه، وانْقَضَى. ونَضَبَتْ عَيْنُه تَنْضُبُ نُضوباً: غارَتْ؛ وخَصَّ بَعْضُهم بِهِ عَيْنَ النَّاقَةِ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
مِنَ المُنْطِياتِ المَوْكِبَ المَعْجَ، بَعْدَ ما ... يُرى، فِي فُروع المُقْلَتَيْنِ، نُضُوبُ
ونَضَبَتِ المَفازةُ نُضُوباً: بَعُدَتْ؛ قَالَ:
إِذا تَغالَين بسَهْمٍ ناضِبِ
وَيُرْوَى: بسهمٍ ناصبِ، يَعْنِي شَوْطاً وطَلَقاً بَعِيدًا، وكلُّ بعيدٍ ناضِبٌ؛ وأَنشد ثَعْلَبٌ:
جَريءٌ عَلَى قَرْعِ الأَساوِدِ وَطْؤُه، ... سميعٌ بِرِزِّ الكَلْبِ، والكَلْبُ ناضِبُ
وجَرْيٌ ناضِبٌ أَي بعيدٌ. الأَصمعي: الناضِبُ الْبَعِيدُ، وَمِنْهُ قِيلَ للماءِ إِذا ذَهَبَ: نَضَبَ أَي بَعُدَ. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ: إِن فُلَانًا لَناضِبُ الخَير أَي قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَقَدْ نَضَبَ خيرُه نُضوباً؛ وأَنشد:
إِذا رَأَيْنَ غَفْلةً مِنْ راقِبِ، ... يُومِينَ بالأَعْينِ والحَواجِبِ،
إِيماءَ بَرْقٍ فِي عَماءٍ ناضِبِ
ونَضَبَ الخِصْبُ: قَلَّ أَو انْقَطَعَ. ونَضَبَتِ الدَّبَرَةُ نُضُوباً: اشْتَدَّت. ونَضَبَ الدَّبَرُ إِذا اشْتَدَّ أَثَرُهُ فِي الظَّهْر. وأَنْضَبَ القَوْسَ، لغةٌ فِي أَنْبَضَها: جَبَذَ وتَرها لتُصَوِّتَ؛ وَقِيلَ: أَنْضَبَ القوسَ إِذا جَبَذَ وتَرها، بِغَيْرِ سَهْمٍ، ثُمَّ أَرسله. وَقَالَ أَبو حَنِيفَةَ: أَنْضَبَ فِي قَوْسِهِ إِنْضاباً، أَصاتَها؛ مَقْلُوبٌ. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: إِن كَانَتْ أَنْضَبَ مَقْلُوبَةً، فَلَا مَصْدَرَ لَهَا، لأَن الأَفعال الْمَقْلُوبَةَ لَيْسَتْ لَهَا مَصَادِرُ لِعِلَّةٍ قَدْ ذَكَرَهَا النَّحْوِيُّونَ: سِيبَوَيْهِ، وأَبو عَلِيٍّ، وسائرُ الحُذَّاق؛ وإِن كَانَ أَنْضَبْتُ، لُغَةً فِي أَنْبَضْتُ، فَالْمَصْدَرُ فِيهِ سَائِغٌ حَسَنٌ؛ فأَما أَن يَكُونَ مَقْلُوبًا ذَا مَصْدَرٍ، كَمَا زَعَمَ أَبو حَنِيفَةَ، فَمُحَالٌ. الْجَوْهَرِيُّ: أَنْضَبْتُ وتَرَ القَوْس، مِثْلَ أَنْبَضْتُه، مَقْلُوبٌ مِنْهُ. أَبو عَمْرٍو: أَنْبَضْتُ القوسَ وانْتَضَبْتُها إِذا جَذَبْتَ وتَرَها لتُصَوِّتَ؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:
تُرِنُّ إِرناناً إِذا مَا أَنْضَبا
وَهُوَ إِذا مَدَّ الوتَرَ، ثُمَّ أَرسله. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: وَهَذَا مِنَ الْمَقْلُوبِ. ونَبَضَ العِرْقُ يَنْبِضُ نِباضاً، وَهُوَ تَحَرُّكُه. شَمِرٌ: نَضَّبَتِ النَّاقَةُ؛ وتَنْضِيبُها: قلةُ لَبَنِهَا وَطُولُ فُواقِها، وإِبطاءُ دِرَّتِها. والتَّنْضُبُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ بِالْحِجَازِ، وَلَيْسَ بِنَجْدٍ مِنْهُ شيءٌ إِلا جِزْعةً وَاحِدَةً بطَرَفِ ذِقانٍ، عِنْدَ التُّقَيِّدة، وَهُوَ يَنْبُتُ ضَخْماً عَلَى هَيْئَةِ السَّرْحِ، وعيدانُه بيضٌ ضَخمة، وَهُوَ مُحْتَظَر، وورقُه مُتَقَبِّضٌ، وَلَا تَرَاهُ إِلا كأَنه يَابِسٌ مُغْبَرٌّ وإِن كَانَ نَابِتًا، وَلَهُ شَوْكٌ مِثْلُ شَوْكِ العَوْسَج، وَلَهُ جَنًى مِثْلُ العِنَبِ الصِّغَارِ، يؤْكل وَهُوَ أُحَيْمِرٌ. قَالَ أَبو حَنِيفَةَ: دخانُ التَّنْضُب أَبيض فِي مِثْلِ لَوْنِ الْغُبَارِ، وَلِذَلِكَ شَبَّهَتِ الشعراءُ الغُبارَ به؛ قَالَ عُقَيْل بْنُ عُلَّفة المُرِّي:
وَهَلْ أَشْهَدَنْ خَيلًا، كأَنَّ غُبارَها، ... بأَسفلِ علْكَدٍّ، دَواخِنُ تَنْضُبِ؟
وَقَالَ مرَّة: التَّنْضُبُ شَجَرٌ ضِخَامٌ، لَيْسَ لَهُ وَرَقٌ، وَهُوَ يُسَوِّقُ ويَخْرُجُ لَهُ خَشَبٌ ضِخام وأَفنانٌ كَثِيرَةٌ، وإِنما ورقُه قُضْبان، تأْكله الإِبل وَالْغَنَمُ.