وخَضْخَضْنَ فِينَا البَحْرَ، حَتَّى قَطَعْنَه ... عَلَى كلِّ حَالٍ مِنْ غِمارٍ وَمِنْ وَحَلْ
قَالَ: أَراد بِنَا، وَقَدْ يَكُونَ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ أَي فِي سَيْرنا، وَمَعْنَاهُ فِي سَيْرهِنَّ بِنَا؛ وَمِثْلُ قَوْلِهِ:
كأَنَّ ثِيَابَهُ فِي سَرْحَةٍ
وَقَوْلُ امرأَة مِنَ الْعَرَبِ:
هُمُو صَلَبُوا العَبْديَّ فِي جِذْعِ نَخْلةٍ، ... فَلَا عَطَسَت شَيْبانُ إِلا بأَجْدَعا
أَي عَلَى جِذع نَخْلَةٍ؛ وأَما قَوْلُهُ:
وَهَلْ يَعِمَنْ مَن كَانَ أَقْرَبُ عَهْدِه ... ثلاثِين شَهْراً فِي ثَلَاثَةِ أَحْوالِ؟
فَقَالُوا: أَراد مَعَ ثَلَاثَةِ أَحوال، قَالَ ابْنُ جِنِّي: وَطَرِيقُهُ عِنْدِي أَنه عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ، يُرِيدُونَ ثَلَاثِينَ شَهْرًا فِي عَقِبِ ثَلَاثَةِ أَحوال قَبْلَهَا، وَتَفْسِيرُهُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَحوال؛ فأَما قَوْلُهُ:
يَعْثُرْنَ فِي حَدِّ الظُّباتِ كأَنما ... كُسِيَتْ، بُرود بَنِي تَزيدَ، الأَذْرُعُ
فإِنما أَراد يَعْثُرْنَ بالأَرض فِي حَدِّ الظُّبَاتِ أَي وَهُنَّ فِي حَدِّ الظُّبَاتِ، كَقَوْلِهِ: خَرَجَ بثِيابه أَي وثِيابُه عَلَيْهِ، وَصَلَّى فِي خُفَّيه أَي وخُفَّاه عَلَيْهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى: فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ
؛ فَالظَّرْفُ إِذاً مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ لأَنه حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ أَي يَعْثُرْن كائناتٍ فِي حَدِّ الظُّبَاتِ؛ وَقَوْلُ بَعْضِ الأَعراب:
نَلُوذُ فِي أُمٍّ لَنَا مَا تَعْتَصِبْ ... من الغَمام تَرْتَدي وتَنْتَقِبْ
فإِنه يُرِيدُ بالأُم لَنَا سَلْمى أَحد جَبَلَيْ طَيِء، وَسَمَّاهَا أُمًّا لاعْتِصامهم بِهَا وأُوِيِّهم إِليها، وَاسْتَعْمَلَ فِي مَوْضِعَ الْبَاءِ أَي نلوذ بها لأَنها لَاذُوا فَهُمْ فِيهَا لَا مَحَالَةَ، أَلا تَرَى أَنهم لَا يَلُوذون ويَعْتَصِمُون بِهَا إِلَّا وَهُمْ فِيهَا؟ لأَنهم إِن كَانُوا بُعَداء عَنْهَا فَلَيْسُوا لَائِذِينَ فِيهَا، فكأَنه قَالَ نَسْمَئِلُّ فِيهَا أَي نَتَوَقَّلُ، وَلِذَلِكَ اسْتَعْمَلَ فِي مكانَ الْبَاءِ. وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ، فِي تِسْعِ آياتٍ
؛ قَالَ الزَّجَّاجُ: فِي مِنْ صِلَةُ قَوْلِهِ وَأَلْقِ عَصاكَ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ
، وَقِيلَ: تأْويله وأَظهر هَاتَيْنِ الْآيَتَيْنِ فِي تِسْعِ آياتٍ
أَي مِنْ تِسْعِ آيَاتٍ، وَمِثْلُهُ قَوْلُكَ: خُذْ لِي عَشْراً مِنَ الإِبل وَفِيهَا فَحْلان أَي وَمِنْهَا فحلان، والله أَعلم.
[فصل القاف]
قَأَى: ابْنُ الأَعرابي: قأَى إِذا أَقَرَّ لخَصْمه وذلَّ.
قَبَا: قَبا الشيءَ قَبْواً: جَمَعَهُ بأَصابعه. أَبو عَمْرٍو: قَبَوْتُ الزَّعْفَرَانَ والعُصْفُر أَقْبُوه قَبْواً أَي جَنَيْتُهُ. والقَابِيَةُ: المرأَة الَّتِي تلقُط الْعُصْفَرَ. والقَبْوَةُ: انْضِمَامُ مَا بَيْنَ الشَّفَتَيْنِ، والقَبَاء، مَمْدُودٌ، مِنَ الثِّيَابِ: الَّذِي يُلْبَسُ مُشْتَقٌّ مِنْ ذَلِكَ لِاجْتِمَاعِ أَطرافه، وَالْجَمْعُ أَقْبِية. وقَبَّى ثَوْبَهُ: قَطَعَ مِنْهُ قَباء؛ عَنِ اللِّحْيَانِيِّ. يُقَالُ: قَبِّ هَذَا الثَّوْبَ تَقْبِيَة أَي قَطِّعْ مِنْهُ قَباء. وتَقَبَّى قَباءَه: لَبِسَهُ. وتَقَبَّى: لَبِسَ قَبَاءَهُ؛ قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الثَّوْرَ:
كأَنه مُتَقَبِّي يَلْمَقٍ عَزَبُ
وَرُوِيَ فِي حَدِيثِ
عَطَاءٍ أَنه قَالَ: يُكره أَن يدخُل المعتكِف قَبْواً مَقْبُوّاً، قِيلَ لَهُ: فأَين يُحدث؟ قَالَ: فِي الشِّعاب، قِيلَ: فعُقودُ الْمَسْجِدِ؟ قَالَ: إِنَّ الْمَسْجِدَ لَيْسَ لِذَلِكَ
؛ القَبْوُ: الطاقُ الْمَعْقُودُ بَعْضُهُ إِلى بَعْضٍ، هَكَذَا رَوَاهُ الْهَرَوِيُّ. وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: قِيلَ لِعَطَاءٍ أَيمرّ الْمُعْتَكِفُ تَحْتَ قَبْوٍ مَقْبُوٍّ؟ قَالَ: