للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى الشَّبَعِ فِي الأَكل دَاخِلٌ فِيهِ، ومثَل الْمُؤْمِنِ زهدُه فِي الدُّنْيَا وَقِلَّةِ اكْتِرَاثُهُ بأَثاثِها واستعدادُه لِلْمَوْتِ، وَقِيلَ: هُوَ تَخْصِيصٌ لِلْمُؤْمِنِ وتَحامِي مَا يجرُّه الشَّبَعُ مِنَ القَسْوة وطاعةِ الشَّهْوَةِ، ووَصْفُ الْكَافِرِ بكَثرة الأَكل إِغلاظٌ عَلَى الْمُؤْمِنِ وتأْكيد لِمَا رُسِمَ لَهُ، واللَّه أَعلم. قَالَ الأَزهري حِكَايَةً عَنِ الْفَرَّاءِ: جَاءَ فِي الْحَدِيثِ

الْمُؤْمِنُ يأْكل فِي مِعًى واحدةٍ

، قَالَ: ومِعًى واحدٌ أَعْجَبُ إِليَّ. ومِعَى الفأْرة: ضَرْبٌ من رَدِيءِ تَمْرِ الْحِجَازِ. والمِعَى مِن مَذانِب الأَرض: كلُّ مِذْنَب بالحَضِيض يُناصِي مِذْنَباً بالسَّنَدِ وَالَّذِي فِي السَّفْح هُوَ الصُّلْبُ. قَالَ الأَزهري: وَقَدْ رأَيت بالصَّمَّان فِي قِيعانها مَساكاتٍ لِلْمَاءِ وإِخاذاً مُتَحَوِّية تُسَمَّى الأَمْعاء وَتُسَمَّى الحَوايا، وَهِيَ شِبْهُ الغُدْران، غَيْرَ أَنها مُتضايِقةٌ لَا عَرْضَ لَهَا، ورُبما ذَهَبَتْ فِي الْقَاعِ غَلْوَةً. وَقَالَ الأَزهري: الأَمْعَاء مَا لانَ مِنَ الأَرض وانْخَفض، قَالَ رُؤْبَةُ:

يَحْبُو إِلى أَصلابه أَمْعَاؤه

قَالَ: والأَصْلاب مَا صَلُبَ مِنَ الأَرض. قَالَ أَبو عَمْرٍو: ويَحْبُو أَي يَميلُ، وأَصْلابُه وَسَطُهُ، وأَمْعاؤه أَطْرافُه. وَحَكَى ابْنُ سِيدَهْ عَنْ أَبي حَنِيفَةَ: المِعَى سَهْل بَيْنَ صُلْبَيْنِ، قَالَ ذُو الرمة:

بِصُلْبِ المِعَى أَو بُرْقةِ الثَّوْرِ لَمْ يَدَعْ ... لَهَا جِدَّةً جَوْلُ الصَّبا والجَنائبِ «١»

قَالَ الأَزهري: المِعَى غَيْرُ مَمْدُودٍ الْوَاحِدَةُ أَظن مِعاةٌ سَهْلة بَيْنَ صُلْبَيْن، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:

تراقِبُ بَيْنَ الصُّلْبِ مِنْ جانِبِ المِعَى، ... مِعَى واحِفٍ، شَمْساً بَطِيئًا نُزُولُها «٢»

وَقِيلَ: المِعَى مَسِيل الْمَاءِ بَيْنِ الحِرار. وَقَالَ الأَصمعي: الأَمْعاء مَسايلُ صِغَارٌ. والمُعَيُّ: اسْمُ مَكَانٍ أَو رَمْل، قَالَ الْعَجَّاجُ:

وخِلْتُ أَنْقاء المُعَيِّ رَبْرَبا

وقالوا: جاءا مَعاً وجاؤوا مَعاً أَي جَمِيعًا. قَالَ أَبو الْحَسَنِ: مَعًا عَلَى هَذَا اسْمِ وأَلفه مُنقلبة عَنْ يَاءٍ كرَحًى، لأَن انْقِلَابَ الأَلف فِي هَذَا الْمَوْضِعِ عَنِ الْيَاءِ أَكثر مِنِ انْقِلَابِهَا عَنِ الْوَاوِ، وَهُوَ قَوْلُ يُونُسَ، وَعَلَى هَذَا يَسْلَمُ قَوْلُ حَكِيم بْنِ مُعَيَّة التَّمِيمِي مِنَ الإِكْفاء وَهُوَ:

إِنْ شِئْتِ، يَا سَمْراء، أَشْرَفْنَا مَعَا، ... دَعا كِلانا رَبَّه فأَسْمَعا

بالخَيْرِ خَيْراتٍ، وإِن شَرّاً فأَى، ... وَلَا أُرِيدُ الشرَّ إِلا أَنْ تَأَى

قَالَ لُقمان بْنُ أَوْس بْنِ رَبِيعَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ غَنَمٍ:

إِن شِئْتِ أَشرفْنا كِلانا، فدَعا ... اللَّهَ جَهْداً رَبَّه، فأَسْمَعا

بالخَيرِ خَيراتٍ، وإِن شَرٌّ فأَى، ... وَلَا أُريدُ الشرَّ إِلَّا أَن تَأَى

وَذَلِكَ أَن امرأَة قَالَتْ فأَجابها:

قَطَّعَكِ اللَّهُ الجَلِيلُ قِطَعَا، ... فَوْقَ الثُّمامِ قِصَداً مُوَضَّعَا

تاللَّهِ مَا عَدَّيْتُ إِلَّا رُبَعا، ... جَمَعْتُ فِيهِ مَهْرَ بِنْتي أَجْمعَا

والمَعْوُ: الرُّطب، عَنِ اللِّحْيَانِيِّ: وأَنشد:

تُعَلَّلُ بالنَّهِيدَةِ، حينَ تُمْسِي، ... وبالمَعْوِ المُكَمَّمِ والقَمِيمِ


(١). قوله" جول" هو رواية المحكم، وفي معجم ياقوت: نسج.
(٢). قوله" بين الصلب إلخ" كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة:
تراقب بين الصلب والهضب والمعى ... مِعَى وَاحِفٍ شَمْسًا بَطِيئًا نزولها

<<  <  ج: ص:  >  >>