للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخُدْرِيِّ: أَن النَّبِيَّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: إِنَّ اللَّهَ حَرَّم الخمرَ، فَلَا أَمْتَ فِيهَا، وأَنا أَنْهى عَنِ السَّكَر والمُسْكِر؛ لَا أَمْتَ فِيهَا

أَي لا عَيْبَ فيها. وقال الأَزهري: لَا شكَّ فِيهَا، وَلَا ارتيابَ أَنه مِنْ تَنْزِيلِ رَبِّ الْعَالَمِينَ؛ وَقِيلَ لِلشَّكِّ وَمَا يُرْتابُ فِيهِ: أَمْتٌ لأَنَّ الأَمْتَ الحَزْرُ والتَّقدِير، ويدخُلهما الظَّنُّ وَالشَّكُّ؛ وَقَوْلُ ابْنِ جَابِرٍ أَنشده شَمِرٌ:

وَلَا أَمْتَ فِي جُمْلٍ، لياليَ ساعَفَتْ ... بِهَا الدارُ، إِلَّا أَنَّ جُمْلًا إِلى بُخْلِ

قَالَ: لَا أَمْتَ فِيهَا أَي لَا عَيْب فِيهَا. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: مَعْنَى

قَوْلِ أَبي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّ اللَّه حَرَّم الْخَمْرَ، فَلَا أَمْتَ فِيهَا

، مَعْنَاهُ غَيْر مَعْنَى مَا فِي الْبَيْتِ؛ أَراد أَنه حَرَّمها تَحْرِيمًا لَا هَوادةَ فِيهِ وَلَا لِين، ولكنَّه شَدَّد فِي تَحْرِيمِهَا، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ سِرْتُ سَيْراً لَا أَمْتَ فِيهِ أَي لَا وَهْنَ فِيهِ وَلَا ضَعْفَ؛ وجائزٌ أَن يَكُونَ الْمَعْنَى أَنه حَرَّمها تَحْرِيمًا لَا شَكَ فِيهِ؛ وأَصله مِنَ الأَمْتِ بِمَعْنَى الحَزْر، وَالتَّقْدِيرُ، لأَنَّ الشَّكَّ يَدْخُلُهُمَا؛ قَالَ الْعَجَّاجُ:

مَا فِي انْطِلاقِ رَكْبِهِ مِنْ أَمْتِ

أَي مِنْ فُتورٍ واسْتِرْخاءٍ.

أنت: الأَنِيتُ: الأَنِينُ؛ أَنَتَ يَأْنِتُ أَنِيتاً، كَنَأَتَ، وسيأْتي ذِكْرُهُ فِي مَوْضِعِهِ. أَبو عَمْرٍو: رَجُلٌ مَأْنُوتٌ، وَقَدْ أَنَته الناسُ يأْنِتونه إِذا حَسَدُوه، فَهُوَ مَأْنُوتٌ، وأَنِيتٌ أَي مَحْسُودٌ، واللَّه أَعلم.

[فصل الباء الموحدة]

بتت: البَتُّ: القَطْعُ المُسْتَأْصِل. يُقَالُ: بَتَتُّ الحبلَ فانْبَتَّ. ابْنُ سِيدَهْ: بَتَّ الشيءَ يَبُتُّه، ويَبِتُّه بَتّاً، وأَبَتَّه: قطَعه قَطْعاً مُسْتَأْصِلًا؛ قَالَ:

فَبَتَّ حِبالَ الوصْلِ، بَيْنِي وبَيْنَها، ... أَزَبُّ ظُهُورِ السَّاعِدَيْنِ، عَذَوَّرُ

قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي قَوْلِهِ: بَتَّه يَبُتُّه قَالَ: وَهَذَا شَاذٌّ لأَنَّ بَابَ المُضاعف، إِذا كانَ يَفْعِل مِنْهُ مَكْسُورًا، لَا يجيءُ متعدِّياً إِلَّا أَحرفٌ مَعْدُودَةٌ، وَهِيَ بَتَّه يَبُتُّه وَيَبِتُّه، وعَلَّه فِي الشُّرب يَعُلُّه ويَعِلُّه، ونَمَّ الحديثَ يَنُمُّه ويَنِمُّه، وشَدَّه يَشُدُّه ويَشِدُّه، وحَبَّه يَحِبُّه؛ قَالَ: وَهَذِهِ وحدَها عَلَى لغةٍ واحدةٍ. قَالَ: وإِنما سَهَّلَ تَعَدِّيَ هَذِهِ الأَحْرُف إِلى الْمَفْعُولِ اشتراكُ الضَّمِّ وَالْكَسْرِ فِيهِنَّ؛ وبَتَّتَه تَبْتِيتاً: شُدِّدَ لِلْمُبَالَغَةِ، وبَتَّ هُوَ يَبِتُّ ويَبُتُّ بَتّاً وأَبَتَّ. وَقَوْلُهُمْ: تَصَدَّقَ فلانٌ صَدَقَةً بَتاتاً وبَتَّةً بَتْلَةً إِذا قَطَعَها المُتَصَدِّقُ بِهَا مِنْ مَالِهِ، فَهِيَ بَائِنَةٌ مِنْ صَاحِبِهَا، قَدِ انْقَطَعَتْ مِنْهُ؛ وَفِي النِّهَايَةِ: صَدَقَةٌ بَتَّةٌ أَي مُنْقَطِعَةٌ عَنِ الإِمْلاكِ؛ وَفِي الْحَدِيثِ:

أَدْخَلَه اللَّهُ الجَنَّةَ البَتَّةَ.

اللَّيْثُ: أَبَتَّ فُلانٌ طَلاقَ امرأَتِه أَي طَلَّقَها طَلاقاً بَاتًّا، والمُجاوزُ مِنْهُ الإِبْتاتُ. قَالَ أَبو مَنْصُورٍ: قَوْلُ اللَّيْثِ فِي الإِبْتاتِ والبَتِّ موافِقٌ قولَ أَبي زَيْدٍ، لأَنه جَعَل الإِبْتات مُجاوزاً، وَجَعَلَ البَتَّ لَازِمًا، وَكِلَاهُمَا مُتعدِّ؛ وَيُقَالُ: بَتَّ فلانٌ طَلاقَ امرأَتِه، بِغَيْرِ أَلف، وأَبَتَّه بالأَلف، وَقَدْ طَلَّقها البَتَّةَ. وَيُقَالُ: الطَّلْقةُ الْوَاحِدَةُ تَبُتُّ وتَبِتُّ أَي تَقطَعُ عِصْمةَ النِّكَاحِ، إِذا انْقَضَتِ العدَّة. وطَلَّقَها ثَلاثاً بَتَّةً وبَتاتاً أَي قَطْعاً لَا عَوْدَ فِيهَا؛ وَفِي

<<  <  ج: ص:  >  >>