للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ".

قال الشيخ محيي الدين رحمه اللَّه: اختلف العلماء في المراد بهذا الاستثناء على حسب اختلافهم في مكة والمدينة أيهما أفضل؛ فذهب الشافعي رحمه اللَّه وجماهير العلماء إلى أن مكة أفضل من المدينة وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة، وعكسه مالك وطائفة، فعند الشافعي والجمهور معناه: إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي، وعند مالك وموافقيه: إلا المسجد الحرام فإن الصلاة تفضله بدون الألف (١).

وقال أبو العباس القرطبي في تقرير قول مالك: لا شك أن المسجد الحرام مستثنى من قوله "مِنَ المَسَاجِدِ" وهي بالاتفاق مفضولة والمستثنى من المفضول مفضول إذا سكت عليه فالمسجد الحرام مفضول لكن لا يقال أنه مفضول بألف لأنه قد استثناه منها فلابد أن يكون له مزية على غيره من المساجد لكن ما هي ولم يعينها الشرع فلابد أن يكون له مزية على غيره فيتوقف فيها.

وقال الإمام الحافظ أبو عمر بن عبد البر: قال عبد اللَّه بن نافع الزبيري صاحب مالك: معنى هذا الحديث أن الصلاة في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل من الصلاة في سائر المساجد بألف صلاة إلا المسجد الحرام؛ فإن الصلاة في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- أفضل من الصلاة [فيه] (٢) بدون الألف.

ثم قال: وهذا التأويل على بعده ومخالفة أهل العلم له لا حظ له في اللسان العربي، وقد قال عامة أهل الأثر: الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- بمائة صلاة، ومن الصلاة في سائر المساجد بمائة ألف صلاة.

ثم روى ابن عبد البر هذا القول عن سفيان بن عيينة وقتادة وعن ابن الزبير من الصحابة -رضي اللَّه عنهم- ابن وهب وأصبغ بن الفرج أنهما كانا يذهبان إلى تفضيل الصلاة في المسجد الحرام على الصلاة في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-.


(١) "شرح النووي على مسلم" (٩/ ١٦٣ حديث ١٣٩٤).
(٢) من "الاستذكار".

<<  <   >  >>