تاء الافتعال لاقترانها بحرف الضاد وهو حرف مستعل، فقلبت طاءً لاستعلائها.
وأما "الْجَعْدُ" فإنه يكون في الصفات مدحًا ويجيء ذمًّا أيضًا، فالمدح معناه: أن يكون شديد الأسر والخلق، أو يكون جعد الشعر وهو ضد السبط؛ لأن السبوطة أكثرها في شعور العجم؛ وأما الذم: فهو القصير المتردد الخلق، وليس مرادًا هنا قطعًا؛ لوصفه إياه صلى اللَّه عليهما وسلم بالطول في قوله:"طُوَالٌ"، وهو بضم الطاء وتخفيف الواو لغة في طويل وربما تضمن مبالغة في ذلك.
وأما قوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "كَأَنَّهُ مِنْ رِجَالِ شَنُوءَةَ" فهي قبيلة معروفة من العرب اليمانيين سموا بذلك لأنهم كانوا يتباعدون عن الأنجاس يقال: رجل فيه شَنُوءَةٌ بفتح الشين وضم النون وهمزة مفتوحة بعد الواو: إذا كان فيه تقزز وتباعد عن الأقذار، حكاه الجوهري.
وَقِيلَ: سموا بذلك لأنهم تشانئوا، أي: تباغضوا وتباعدوا، والنسبة إلى أزد شنوءة: شنائي بالهمز، ومنهم من لم يهمز شنوءة فيقول في النسبة شنوي.
وجاء عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- رؤيته لموسى عليه الصلاة والسلام مرة أخرى في الحديث الذي أخبرناه القاسم بن مظفر، عن محمود بن منده، أنا الحسن بن العباس الفقيه، أنا أبو عمرو عبد الوهاب، أنا أبي الحافظ أبو عبد اللَّه، أنا عبد الرحمن بن يحيى، ثنا أبو مسعود -يعني أحمد بن الفرات- أنا عمرو بن عون، ثنا هشيم، أنا داود بن أبي هند، عن أبي العالية، عن ابن عباس -رضي اللَّه عنهما-، أن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- مر بوادي الأزرق فقال:"كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى مُوسَى -عليه السلام- وَهُوَ هَابِطٌ مِنَ الثَّنِيَّةِ وَلَهُ جُؤَارٌ إِلَى اللَّهِ بِالتَّلْبِيَةِ، ثُمَّ أَتَى عَلَى ثَنِيَّةِ هَرْشَى فَقَالَ: أَيُّ ثَنِيَّةِ هَذِهِ"؟