للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأكْبَرُ ظُلْمًا وأسْوَأُ حَالاً مِنْ هَذِهِ البَلِيَّةِ العَظِيْمَةِ احْتِرَافُ هَذِهِ الظَّاهِرَةِ في الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُم، وإطْلاقُ العَنَانِ لِلِّسَانِ يَفْرِي في أعْرَاضِهِم وعَدَالَتِهِم، والتَّنْقِيْبُ عَنْ مَسَاوِئِهِم، وبَثِّها بَيْنَ النَّاسِ!

وقَدْ عَدَّ أهْلُ العِلْمِ الطَّعْنَ في الصَّحَابَةِ زَنْدَقَةٌ مَفْضُوْحَةٌ، وقَرَّرُوا أنَّهُ: «لا يَبْسُطُ لِسَانَهُ فِيْهِم إلاَّ مَنْ سَاءَتْ طَوِيَّتُهُ في النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وصَحَابَتِهِ، والإسْلامِ، والمُسْلِمِيْنَ» (١).

* * *

وهَذَا قَوْلُ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيْزِ رَحِمَهُ اللهُ حِيْنَ سُئِلَ عَنِ القِتَالِ الَّذي حَصَلَ بَيْنَ الصَّحَابَةِ فَقَالَ: «تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ الله يَدِي مِنْهَا؛ أفَلا أُطَهِّرُ مِنْهَا لِسَانِي؟ مَثَلُ أصْحَابِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مَثَلُ العُيُوْنِ، ودَوَاءُ العُيُوْنِ تَرْكُ مَسِّهَا» (٢). وقَالَ بِنَحْوِهِ أيْضًا: «تِلْكَ دِمَاءٌ طَهَّرَ اللهُ مِنْهَا يَدِي، فَلا أُحِبُّ أنْ أُخَضِّبَ بِهَا لِسَانِي». وقَالَ آخَرُ: {تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ


(١) «الإمَامَةُ» لأبي نُعِيْمٍ الأصْبَهانِيِّ (٣٧٦).
(٢) «مَنَاقِبُ الشَّافِعِيِّ» للرَّازِيِّ ص (١٣٦)، و «الطَّبَقاتُ» لابنِ سَعَدٍ (٥/ ٣٩٤)، و «الجَامِعُ لأحْكَامِ القُرْآنِ» للقُرْطُبِيِّ (١٦/ ١٢٢)، و «الإنْصَافُ» للبَاقِلاَّنِيِّ (٦٩).

<<  <   >  >>