للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الرفض فلا يصحّ لأن هذه العبادة لا ترتفض بفعل محظوراتها ولا بقوله: رفضتها فكيف ترفض بفعل عبادة أخرى فيها, وامّا خبر عائشة, قلنا: أراد لا تشتغلي بأفعالها, لا أنها تخرج من إحرامها بدليل أنه ليس لها لخروج مها بقولها, والخبر يقتضي الرفض قبل الوقوف, ثم بيّن الشافعي ما يختصّ به القارن من المفرد, فقال: غير أن على القارن [١٢٥/أ] الهدى لقرانه أي: يجب عليه ذلك, بخلاف المفرد, وقد ذكرنا ذلك, ثم قال: ويقيم على إحرامه حتى يتمم حجّه مع إمامه يريد به الفرق بين المتمتع الذي يتحلّل من العمرة فيحلّ له كل شيء ما لم يحرم بالحجّ, وبين القارن الذي يقيم على إحرامه حتى يحلّ يوم النحر ولا يتحلّل من العمرة حتى يتحلّل من الحجّ الذي قرنه بها لخبر ابن عمر ولا يحلّ من واحدٍ منهما حتى يحلّ منهما, وأما قوله: حتى يتمّ حجّه مع إمامه ذكره على وجه الاستحباب, لأنه يستحبّ للمحرم أن لا يسبق إمامه في الأفعال بل يكون فراغه معه فإن تقدم عليه جاز.

مَسْألَةٌ: قالَ (١) ويخطب الإمام يوم السابع من ذي الحجّة بعد الظهر بمكّة.

الفَصْلُ

اعلم أن في الحجّ أربع خطب يخطبها إمام الحاجّ, ذكرها الشافعي واحدة بعد واحدة على الترتيب ووصل بكل واحدة منها ما يترتب عليها من المناسك, فأولها ما ذكرها هنا وقد ذكرنا أن من دخل مكّة مفردًا أو قارنًا أو متمتعًا يطوف طواف القدوم ويسعى ثم إن كان مفردًا أقام على إحرامه إلى أن يقف, وكذلك إن كان متمتعًا يأتى بأفعال العمرة ثم يتحلّل ويقيم بمكّة إلى وقت خروجه إلى عرفة ثم يحرم من جوف مكّة بالحج ويخرج إلى عرفة, فيخطب الإمام اليوم السابع بمكّة بعد الظهر خطبة واحدة في المسجد الحراج, فإنه أولى المواضع, وذلك قبل يوم التروية بيوم ويأمرهم في الخطبة بالغدو من الغد إلى منى ليوافوا الظهر, ويعلمهم ما يفعلون إلى عرفات.

لما روى موسى بن عقبة عن أبيه أنه قال: خطب رسول الله صَلَى الله عليه وسلم اليوم السابع بمكّة بعد الظهر وعلمهم المناسك, ويستحبّ إن كان الإمام من أهل مكّة أن يحرم [١٢٥/ب] اليوم السابع, ويخطب محرمًا قال الشافعي: فإن كان عالمًا فقيهًا لا يتعرض لذلك لأنه ربما سئل فلا يعرف, فيكون فيه شين وقباحة, ولا ينبغي للإمام أن يكون إلا بمنزلة من إذا سئل أجاب ثم إذا خطب هكذا يقيمون بمكّة اليوم السابع ويبيتون بها ليلة الثامن ويصلّون الصلاة بها, فإذا كان اليوم الثامن, وهو يوم التروية, قال الشافعي: غدوا إلى منى, وقال في موضع آخر: راحوا إلى منى والكل قريب, وعلى كل حال يصلّون بمنى خمس صلوات: الظهر والعصر والمغرب والعشاء من يوم التروية ويبيت بها ويصلّي الصبح بها من يوم عرفة ويقيم بها حتى تطلع الشمس والسنّة الرواح لأن النبيّ صَلَى الله عليه وسلم أمر أصحابه بالرواح إلى منى.


(١) انظر الأم (٢/ ٨١)

<<  <  ج: ص:  >  >>