فرع آخر
قال في "الأم": لو أصابته نجاسة ذائبة فطهارته بأن يصب عليه الماء حتى يغمره وظاهر هذا أنه لا يطهر بالشمس ومرور الزمان, وقد ذكرنا فيما تقدم قوًلا آخر, فمن أصحابنا من قال فيه قولان, ومنهم من قال: إنه لا يطهر قولاً واحدًا, وتأويل ما قال في "الإملاء" أنه إذا مضت السنون وجاءت الأمطار عليها, وهذا لأن قوله لا يختلف في النار أنها لا تطهر, فكيف الشمس وهذا التأويل لا يساعد لفظ الإملاء. وحكي عن أبي حنيفة أنه قال: فتطهر فيصلي عليها ولا يتيمم بترابها وهذه مناقضة.
فرع
لو اختلط بالتراب دقيق أو رماد أو غير ذلك من الطاهرات, فإن كان كثيرًا غلب على التراب وغير لونه أو طعمه أو ريحه فلا يجوز التيمم به, وإن كان مغلوبًا ولم تغير من التراب شيئًا. قال عامة أصحابنا: لا يجوز التيمم به, وهو ظاهر نصه. وقال أبو إسحاق: يجوز التيمم به كالماء إذا خالطه طاهر ولم يغيره, وهذا لا يصح, والفرق أن الدقيق إذا أصاب موضعًا يمنع وصول التراب إليه, والمانع غير الماء إذا أصاب موضعًا لا يمنع [١٤٢ ب/ ١] وصول الماء إليه فافترقا, ولهذا لا ينجس الماء الكثير بوقوع النجاسة فيه بخلاف التراب.
فرع آخر
لو اختلط التراب بماء الورد فتغيرت رائحته به ثم جف يجوز التيمم به, لأن بالجفاف عدم ماء الورد ونفي رائحة المجاورة. ذكره القاضي الطبري وهو على ما قاله صحيح.
فرع آخر
التيمم بتراب مستعمل, هل يجوز, قال أصحابنا: ينظر فيه, فإن تيمم من بقعة واحدة هو وغيره يجوز بلا إشكال, لأن ما أبقى لم يزل يتيمم به فهو كبقية الماء في الإناء. وأما ما يسقط فهو من أعضاؤه ويتناثر منه, فالمنصوص في "الأم" أنه مستعمل وهو اختيار القفال وجماعة. وقال بعض أصحابنا: هذا غير مستعمل فيجوز التيمم به, لأن المستعمل هو الباقي على العضو. وأما الساقط فإنه لم يلاق العضو, وإنما لاقى ما لاقى العضو, وقيل: فيه وجهان ولا معنى له مع النص الذي ذكرنا, ولفظه في "الأم", وإن علق بيديه شيء كثير فمسح به وجهه لم يجز أن يأخذ ما على وجهه فيمسح به ذراعيه. وقال أصحاب أبي حنيفة: يجوز استعمال المستعمل من التراب؛ لأنه لا يرفع الحدث. بخلاف الماء. وهذا غلط, لأنه ارتفع به المنع من الصلاة, فأدى به فرض الطهارة, فلا يجوز أداء الفرض به ثانيًا.