للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فرع

لو رعف في صلاته بطلت صلاته بالرعاف , ويلزمه أن يطلب الماء, ويغسل الدم, فإن طلب ولم يجده أو وجد قدر ما يغسله فقط. قال الشافعي في"الأم": استأنف التيمم؛ لأن فرض الطلب المتوجه أبطل التيمم. وكذلك لو تيمم ثم رفقة أو ركبًا ظن أن معهم ماء, أو رأى بئرًا أن فيها ماء, فلما تأمل لم يجد الماء فإنه يلزمه إعادة التيمم. وقال أبو حنيفة: لا يلزمه ذلك بناء على أصله أن طلب الماء غير واجب, وعلى هذا قال القفال: لو رأى الماء ودونه سبع, فإن رآهما معًا أو عرف مكان السبع قبل رؤية الماء فتيممه باق, وإن رأى الماء أولاً ثم عرف السبع والحائل بطل تيممه؛ لأن الطلب قد توجه عليه, وكذلك لو رأى ماء في قعر بئر ولا رشاد معه ولا دلو, فإن علم به وهو عالم بأنه لا آلة معه [١٥٧ أ/١] لا يبطل تيممه, وإن رآه وعنده أي آلة النزح فلم يكن أعاد التيمم.

مسألة: قال: "ولا يجمع بالتيمم بين صلاتي فرضٍ".

وهذا كما قال عندنا لا يجوز أن يصلي بتيمم واحد صلاتي فرض, بل يجب التيمم بكل فريضة, وطلب الماء أيضًا, فيطلب الماء أولاً ثم إذا عدمه تيمم ويصلي, ثم يطلب الماء فإذا عدمه يتيمم ويصلي, ثم يطلب

الماء فإذا عدمه يتيمم ويصلي الصلاة الثانية, ولا فرق بين أن يكونا مؤقتتين أو فائتتين أو مؤقتة وفاتنة, وكذلك لا فرق بين أن يكونا منذورتين أو شرعيتين, أو إحداهما منذورة والأخرى شرعية, ولا فرق بين أن يريد الجمع بينهما في وقت إحداهما أو لا يريد الجمع, وبه قال علي, وابن عمر, وابن عباس, والنخعي, وقتادة , وربيعة, ومالك, والأوزاعي, والليث- رضي الله عنهم- قال أبو حنيفة: يجوز أداء الفرائض به إلى أن يحدث, وبه قال الحسن, وسعيد بن المسيب, والثوري, وداود, والمزني, وابن المنذر. وقال أبو ثور: يؤدي الفرائض في وقت الصلاة التي تيمم لها, ولا يؤدي في وقت آخر. وقال أحمد: يجمع بين الفوائت بتيمم واحد, ولا يجمع بين ما أتى وقتين.

وهو قريب من قول أبي ثور. وهذا كله غلط لما روى مجاهد عن ابن عباس أنه قال: من السنة ألا تصلي بالتيمم [١٥٧ ب/١] إلا صلاة واحدة, ثم يتيمم للأخرى. وهذا يقتضي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وقال علي- رضي الله عنه- "التيمم عند كل صلاة" فإذا تقرر هذا قال أبو إسحاق: لا يجوز الجمع بين الصلاتين بجنس التيمم أصلاً لظاهر قول الشافعي, ولا يجمع بالتيمم بين صلاتي فرض, وهذا لأنه تفتقر الصلاة الثانية إلى تيمم ثانٍ, ويفتقر التيمم الثاني إلى طلب ثان, والطلب يقطع الجمع؛ لأن من شرطه الموالاة, ولم يذكر في كتاب "الحاوي" غير هذا. وقال عامة أصحابنا: يجوز الجمع

<<  <  ج: ص:  >  >>