وقال بعض الفقهاء: ينتظر بها إلى وقت مثلها من العام المقبل كما ينتظر بفوات الحج قضائه في مثل وقته.
ودليلنا: هو أن ما استحقه المساكين في وقته لم يسقط حقهم بفوات وقته كزكاة الفطر فبطل به مذهب أبي حنيفة في المسنون.
ولأن ما استحقه المساكين على صفة لم تتغير صفته بالتأخير كزكاة المال فبطل به مذهب أبي حنيفة في الواجب، ولأن ما استحقه المساكين لوقت لم يجز تأخيره بفوات الوقت كالنذور فبطل به مذهب من أوجب تأخيره إلى مثل وقته.
فصل:
فإذا ثبت وجوب نحرها عند وجودها ففي حكمها بعد ذبحها وجهان:
أحدهما: وهو قول الجمهور إنه يسلك بها بعد الذبح مسلك الضحايا في وقتها يأكل ويتصدق ويهدي على حكمها في الأصل إذا ذبحت في أيام النحر.
والثاني: وهو قول أبي علي بن أبي هريرة أنها تكون للمساكين خاصة لا يجوز أن يأكل منها ولا يدخر لأنها قد خرجت بفوات ذبحها في أيام النحر من الأداء إلى القضاء فصارت حقاً لغيره ثم لا يخلو حالها أن تكون مضمونة بالتفريط أو غير مضمونة، فإن كانت غير مضمونة؛ لأنه غير مفرط فليس بملتزم لغيرها وقد فعل في نحرها وتفريقها ما لزمه؛ فإن كانت مضمونة بالبدل لتفريط فيها فلا يخلو حال بدلها بعد وجودها من أربعة أحوال:
أحدها: أن تكون في ذمته ولم يوجبه في غيرها فتبرأ ذمته من البدل بوجودها كالعبد المغصوب إذا أبق، وكان الغاصب مأخوذاً بالقيمة فوجده برئت ذمته من القيمة بوجوده.
والحالة الثانيه: أن يكون قد أوجب البدل وعينه في غيرها وهو باق ولم يذبحه فقد سقط إيجاب بدلها بوجودها وعاد إلى ملكه كقيمة المغصوب إذا أخذت ثم وجد ردت.
والحال الثالثة: أن يكون بدلها قد ذبح وفرق في أهل الضحايا قبل وجودها فيصير ذبح البدل أضحية تطوعء ولا يعتاض عن البدل باستبقاء الأصل بل يذبحه بعد البدل فيكون أضحيتين.
والحال الرابعة: أن يكون البدل ولحمه باقياً عند وجود الأصل ففيه وجهان:
أحدهما: أن لحم البدل قد صار أضحية بالذبح فيجب أن يسلك به مسلك الضحايا.
والثاني: قد زال عنه حكم الضحايا قبل تفرقته كما زال حكمها عنه في حياته فيصنع به ما شاء من بيع وغيره.