قال الشافعي:"ولو أن مضحيين ذبح كل واحد منهما أضحية صاحبه ضمن كل واحد منهما ما بين قيمة ما ذبح حيا ومذبوحاً وأجزأ عن كل واحد منهما ضحيته وهديه ".
قال في الحاوي: ومقدمة هذه المسألة أن يذبح رجل أضحية غيره بغير أمره فمذهب الشافعي أن ذبحها يجزئ عن قربة صاحبها يسلك بها بعده مسلك الضحايا، ويكون الذابح ضامنا لنقصان ذبحها.
وقال مالك: لا يجزئه ذبح غيره ويكون لحماً وعليه أن يضحي بعدها.
وقال أبو حنيفة: تجزئه عن أضحيته ولا يرجع على الذابح نقصان ذبحه، وبه قال أبو ثور والذي أراه من هذا الإطلاق في الضمان أن ينظر في زمان الذبح فإن كان متسعاً ضمن الذابح؛ لأنه لم يتعين ذبحها في وقته ببقائه بعد ذبحه، وان ضاق حتى لم يبق منه إلا زمان الذبح لم يضمن الذابح، لأنه قد تعين ذبحها في وقته، فأما مالك فاحتج بأن الذبح قربة كالتفرقة ثم ثبت أنه لو فرقها غيره لم يجزه كذلك إذا ذبحها غيره لم تجزه.
ودليلنا: أن مقصود الأضحية إيجابها في حق المالك وتفرقتها في حق المساكين والذبح تبعاً لهما يتوصل به إلى المقصود في حقّ كل واحد منهما، وقد وجد المقصود أن يذبح الغير فلم يمنع من الإجزاء.
ولأن الذبح لا يفتقر إلى نية وقصد؛ لأنه لو ذبحها الملك سهوا أجزأت كذلك إذا ذبحها غيره عن عدم قصده وفي هذين انفصال.
فصل:
فأما أبو حنيفة _ رحمه الله تعالى _ فإنه استدل على أن الذابح لا يضمن نقصان ذبحها؛ لأنه إراقة دم مشروع فلم يتعلق به ضمان كالختانة وقتل الردة ولأنها قربة تعين عليه فعلها فلم يضمنها من ناب عنه فيها كسوق الهدي إلى محله.
ودليلنا: هو أن ما ضمن في غير الأضحية ضمن في الأضحية كاللحم، ولأن ما ضمن لحمه ضمن ذبحه كغير الأضحية.
فأما الجواب عن قياسه على الختانة، فهو أنها ما أحدثت نقصاً، ولو أحدثته ضمن كذلك الأضحية لو لم تحدث نقصاً لم تضمن، فإذا أحدثه ضمن والمرتد لا يضمن بغير العقل، فلم يضمن بالقتل والأضحية تضمن بغير الذبح فضمنت بالذبح.
وأما الجواب عن قياسه على سوق الهدي فهو على ما ذكرناه من أنه لم يحدث نقصاً ولو عطب في يده ضمن.