للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في دينه، فإذا قضى حقه وتملكها سيرناها أم ولده لمتحض حقه فيها.

وقال بعض أصحابنا بخراسان: إن بيعت ثم ملكها هل تصير أم ولد؟ قولان. وإن أفتكها [ق ١٨٩ أ] من الرهن بأداء أو إبراء من غير أن يباع فيه تصير أم ولده؛ لأن العقد إذا لم يجر في وقته لم يجر بعده حتى يبتدأ بما يجوز، وهذا الاستيلاد بطل في الأصل فلا يصح في ثاني الحال.

قال: ولا يكون إحباله لها أكثر من عتقها، ولو أعتقها بطلت عتقها حتى لو ملكها لا يعتق كذلك ههنا. وقال في معنى من أعتقها: من لا يجوز عتقه فيها من المجنون والمحجور عليه فلا ينفذ من بعد إطلاق الحجر والإفاقة، وكذلك ههنا لا ينعقد بالملك بعد قضاء حق المرتهن؛ لأن زمان الرهن كزمان الحجر في العين المرهونة. قلنا: الأول الذي قاله لا يصح، لأنا نقول الاستيلاد بطل في الأصل بل نفذ في حقه في الحال على ما بيناه. أما مسألة العتق فقد ذكرنا المذهب والفرق.

وأما عتق المحجور لا يسلم؛ لأنه على أحد القولين على ما ذكرنا، فإن فصلت تلك الرقبة عن ديون غرمائه، عتق بسابق لفظه.

وقيل: استدل المزني بمسألة القولين على مسألة الوجهين وهو محال. وقيل: هذا الاختيار من جهة المزني إنما هو اختيار الشافعي على معاني أصوله وليس يختاره المزني لنفسه، فإن ثبتت حرمة الاستيلاد بأدنى من هذا السبب، وهو إذا استولدها بالنكاح ثم ملكها، قال: تصير أم ولده كما قال أبو حنيفة، فكيف لا يجعلها أم [١٨٩ ب] ولده ههنا وقد استولدها بالملك فتحقق ذلك من لا يغلظ عليه، ولو وجدنا من يشتري بعضها ولكن بالتبعيض يقع النقص في قيمتها ببيع بعضها ولا ببيع كلها بمكان ثبوت حق الاستيلاد في الباقي ويفارق هذا إذا باع الحاكم على الغائب جارية مرهونة وفي التبعيض نقصان القيمة لا يجوز ذلك؛ لأنه ليس ذاك من النظر، بل النظر أن يبيع كلها، فإن بيع نصفها على الانفراد بما يشتري بأربعمائة، ولو بيعت صفقة واحدة بيعت بألف ثم يحفظ الحاكم على الغائب فضل الثمن بنفسه أو غيره، ولو بيعت صفقة واحدة بيعت بألف ثم يحفظ الحاكم على الغائب فضل الثمن بنفسه أو غيره، وهذا الأجل أنه لا ضرورة ههنا إلى التبعيض بخلاف ذاك.

فإن قال قائل: لم قال الشافعي في تعليل المسألة المتقدمة، ولا يكون إحباله لها أكثر من عتقها والإحبال أقوى من الإعتاق على ما ذكرنا، وكلام الشافعي يدل على أن الإعتاق أقوى. قلنا: العتق المنجز يغلب على الاستيلاد بمعنى التعجيل والتأجيل، فإن حرية الاستيلاد تقع مؤجلة أبدًا وحرية التنجيز معجلة، فيحتمل أن الشافعي قال لهذا المعنى: "وَلَا يَكُونُ إِحْبَالُهُ لَهَا أَكْبَرَ مِنْ عِتْقِهَا" ثم عطف المزني عل تعليل الشافعي تفسيرًا من عنده فقال: "يَعْنِي إِذَا كَانَ مُعْسِرًا".

فإن قال قائل: أليس قد ذكر الشافعي في أول المسألة الإعسار حيث قال: "فَإنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>