للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملك وهذا القائل يقول: لا نقول في الحقيقة إنه شراء بل هو بذل مال على طريق الفداء لغرض صحيح.

وقيل: هذا بيع صحيح من جهة البائع لأنا لما وددنا شهادته بقينا [١٢٥ /أ] على ملك مالكه كما كان قبل شهادته ويبنى العقد على من حكم الشرع بقوله ثم يحكم على المشتري بالعتق لإقراره السابق لأنَّا لم نقبل قوله قبل الشراء لأن الحق لغيره فإذا ارتفع حق الغير ألزمناه حكم غيره.

قوله: فإذا ثبت هذا فإن أقر البائع بعد البيع بأنه كان قد أعتقه لزمه رد الثمن عليه وعتق العبد عليه وكان الولاء له لأن قول المالك مقبول في حرية الرقبة المملوكة سواء أقر ابتداء أو أقر بما جحده من قبل. وان أصر على تكذيبه عتق العبد عليه على ما ذكرنا ويكون الولاء موقوفا لأن الشاهد يقول: عتق على البائع وهو يقول: بل عتق على المشتري والولاء له فكل واحد منهما ينفي الولاء عن نفسه، فإذا ما شهد العبد الذي حكمنا بحريته وترك مالاً، قال الشافعي: يكون المال موقوفاً حتى يتصادقا أو تقوم البينة عليه. قال المزني: هذا غلط لا يجوز أن يوقف جميع التركة وإنما يوقف ما فضل عن مقدار الثمن الذي وزنه، فأما مقدار الثمن فإن له أن يأخذه من التركة فإنه إن كان صادقاً في شهادته عليه بالعتق لم يجز أخذ الثمن منه وعليه رده عليه، وإن كان كاذباً فإن جميع ما خلف العبد له فإذا كان كذلك كان مقدار الثمن مستحقاً له بيقين. قلنا: اختلف أصحابنا في الجواب عن هذا فقال أبو إسحاق وجماعة: الجواب على ما قال المزني.

ومراد الشافعي بقوله: يكون موقوفا يعني أن إرثه بالولاء يكون موقوفاً والدين يأخذه بمقدار الثمن فليس ذلك أخذاً بالولاء.

ومن أصحابنا من قال: غلط المزني فيما قاله بل لا يستحق هذا المشتري شيئاً لأنه بذل المال فدية تطوعا بالتقرب إلى الله تعالى ولا يجوز الرجوع بالتطوع. وأيضاً قد اختلف جهة الأخذ ها هنا لأنا لو أعطيناه من التركة شيئا لا نعلم أنا نعطيه كسب عبده أو نعطيه مال مولى غيره على جهة القصاص.

قال القفال: وهو كما لو قال: بعتك جاريتي وقال: ما بعت مني ولكن زوجتها مني واستولدها بالنكاح فالقول قولان المستولد أنه لم يشترها والجارية أم ولد بإقرار السيد لا سبيل [١٢٦ /أ] له إلى بيعها وليس للمستولد وطأها لاختلافهما في الجهة أنه يطأها بملك يمين أو نكاح. وكذلك لو اشترى امرأته ليس له وطأها في زمان الخيار لأنه لا يدري أنكاح أم ملك يمين؟ والأول أصح وقد نص الشافعي في كتابه الإقرار بالحكم الظاهر بخلاف هذا، وهذا لأن مشتري الأسير من المشرك متطوع بما بذل من ثمنه على وجه الفدية ثم له ارتجاعه متى قدر عليه وقد قال الشافعي: لو أسلم المشرك والمال في يده كان عليه أن يرده ولباذله أن يأخذه لأنه لم يملك ذلك كذلك هنا، وأما ما ذكره لا يصح لأن في المال لا يضر الاختلاف في جهة الاستحقاق بخلاف الفرج لأن في المال

<<  <  ج: ص:  >  >>