للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة: يعتق. ولو كان العبد صغيرًا ولكنه معروف النسب من غيره فقال: أنت ابني هل يعتق؟ وجهان لأنه يحتمل أن يكون ابنه.

مسألة (١): قال: وقال في المرأِة تقدُم من أرِض الروم ومعها ولٌد فيدعيِه رجٌل بأرِض الإسلاِم أنِه ابنِه.

الفصل

وهذا كما قال: إذا قدمت المرأة من أرض الروم ومعها صبي فادعى رجل بأرض الإسلام وقال: إنه ابني وكان الصبي مجهول النسب ثبت نسبه منه لأن ذلك ممكن بأن يكون خرج إلى بلد الروم، أو جاءت المرأة إلى بلد الإسلام وهذا كما نقول: لو تزوج بامرأة وغاب عنها أو لم يغب فأتت بولٍد قبل أن تزف إليه لستة أشهر بعد العقد يلحقه الولد لإمكان اجتماعهما، ولو تزوجها بحضرة الحاكم وطلقها في الحال ثلاثًا ثم أتت بولد لستة أشهر بعد العقد يلحقه الولد لإمكان اجتماعهما من حين العقد لم يلحق به لأن الوطء لهذا العقد غير ممكن ها هنا.

وقال أبو حنيفة: يلحق به لوجود العقد وهذا خلاف ظاهر لأنه منفى عنه قطعًا ويقينًا فيستحيل الحكم بثبوت نسبه، فإن قال قائل. عند الشافعي لا يثبت النسب في موضع من المواضع إلا باحتمال وقوع الوطء فكيف أثبت النسب ها هنا مع قوله لا يعرف أنه خرج إلى أرض الروم؟

قلنا: لم ُيرد الشافعي به أن هذا الرجل لم يدخل الروم قط، ألا ترى أنه لم يقل يعرف أنه لم يخرج إلى أرض الروم بل قال: لم يكن يعرف أنه خرج أي: ولم يعرف أنه لم يخرج والاحتمالان موجودان وهذا من الإمكان وهو كالاحتمالين فيما ذكرنا إذا تزوج بامرأٍة وغاب عنها، أو لم يغب ولم يعرف الزفاف. ولو تيقنا أنه لم يصل إلى تلك [١٥٤/ب] البلدة بآن شاهدناه طول عمره لم يغب عنا أو غاب عشرة أيام لا يتأتى في مثلها الخروج إلى تلك البلدة بحال وثبت أن المرأة لم تخرج أيضًا من تلك البلدة إلى الآن لم يثبت النسب هكذا ذكر جماعة أصحابنا وهو الصحيح. وقال أبو حامد: ويمكن أنه بعث بماِئِه إليها فاستدخلته وعلقت منه فيثبت النسب به أيضًا قال: ولا اعتبار بما يقول الأطباء أن الماء إذا برد لا يخلق منه الولد لأن هذا مظنون والبيض يبرد ويخلق من الفرخ والنسب يلحق بأدنى الإمكان. وهذا غير صحيح. وقد قال صاحب (الحاوي) (٢): ما ذكره تعليل قبيح ومذهب شنيع لأنه وطء وإحبال بالمراسلة ثم حيث حصل الإمكان لو قالت المرأة: ليست بولدك لا يلتفت إلى قولها لأن النسب حق الولد وقد أقر به الزوج.


(١) انظر الأم (٣٨/ ٢٨).
(٢) انظر الحاوي للماوردي (٧/ ١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>